لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الرابع ) سئل الإمام أبو زرعة الولي العراقي عمن اعتقد في الخلفاء الأربعة الأفضلية على الترتيب المعلوم ولكن يحب أحدهم أكثر هل يأثم أو لا ؟ فأجاب بأن المحبة قد تكون لأمر ديني وقد تكون لأمر دنيوي ، فالمحبة الدينية لازمة للأفضلية فمن كان أفضل كانت محبتنا الدينية له أكثر ، فمتى اعتقدنا في واحد منهم أنه أفضل ثم أحببنا غيره من جهة الدين أكثر كان تناقضا ، نعم إن أحببنا غير الأفضل أكثر من محبة الأفضل لأمر دنيوي كقرابة وإحسان ونحوه فلا تناقض في ذلك ولا امتناع ، فمن اعترف بأن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، لكنه أحب عليا أكثر من أبي بكر مثلا فإن كانت المحبة المذكورة محبة دينية فلا معنى لذلك ، إذ المحبة الدينية لازمة للأفضلية كما قررنا وهذا لم يعترف بأفضلية أبي بكر إلا بلسانه ، وأما بقلبه فهو مفضل لعلي لكونه أحبه محبة دينية زائدة على محبة أبي بكر وهذا لا يجوز ، وإن كانت المحبة المذكورة محبة [ ص: 357 ] دنيوية لكونه من ذرية علي أو لغير ذلك من المعاني فلا امتناع فيه . انتهى .

وعلى كل حال المحبة الدينية لازمة للأفضلية على حسب زيادتها ونقصها وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية