لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
الخامس

اختلف في مراتب إحصاء أسماء الله - تعالى - التي من أحصاها دخل الجنة ، وهذا قطب السعادة ، ومدار النجاة والفلاح ، فقيل : أحصى ألفاظها وعددها ، وقيل : فهم معانيها ومدلولها ، وقيل : دعاؤه بها ، كما قال - تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ، وهذا على مرتبتين : إحداهما دعاء ثناء وعبادة ، والثاني دعاء طلب ومسألة ، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، ولذلك لا يسأل إلا بها ، فلا يقال : يا موجود ، أو يا شيء ، أو يا ذات ، اغفر لي وارحمني ، بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيا لذلك المطلوب ، فيكون السائل متوسلا إليه بذلك الاسم ، قال في البدائع : وهذه العبارة أولى من عبارة من قال : نتخلق بأسماء الله ، فإنها ليست بعبارة سديدة ، وهي منتزعة من قول الفلاسفة : الفلسفة التشبيه على قدر الطاقة . والحاصل أن لهم أربع مراتب ، أشدها إنكارا عبارة الفلاسفة وهي التشبه به - تعالى ، ثم يليها عبارة من قال التخلق بأسمائه - تعالى ، وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برجان وهي التعبد ، وأحسن من الجميع الدعاء ، وهي المطابقة للأمر القرآني ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية