صفحة جزء
271 - عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبو زرعة الرازي مولى عباس بن مطرف القرشي

سمع خلاد بن يحيى ، وأبا نعيم ، وقبيصة بن عقبة ، ومسلم بن إبراهيم ، وأبا الوليد الطيالسي ، وأبا سلمة التبوذكي ، والقعنبي ، وأبا عمر الحوضي ، وإبراهيم بن موسى الفراء ، ويحيى بن بكير وغيرهم وقدم بغداد دفعات وجالس إمامنا واستفاد منه أشياء.

وقال أبو بكر الخلال: أبو زرعة ، وأبو حاتم خال أبي زرعة إمامان في الحديث رويا عن أبي عبد الله مسائل كثيرة وقعت إلينا متفرقة كلها غرائب وكانا عالمين بأحمد بن حنبل يحفظان حديثه كله.

أخبرني محمد بن موسى العطار عن رجل سماه من أهل الري سمع أبا زرعة يقول: كان أحمد بن حنبل يحفظ سبعمائة ألف حديث قال: فقلت له: وكيف علمت؟ قال: كنا نتناظر في الحديث والمسائل وكان جوابه جواب من يحفظ هذا القدر.

روى عنه جماعة منهم عبد الله بن أحمد ، وإبراهيم الحربي ، وابن جرير في آخرين.

أنبأنا خال أمي أبو القاسم عن أبي عبد الله بن بطة حدثنا أبو حفص بن رجاء قال: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: لما قدم أبو زرعة نزل عند أبي فكان كثير المذاكرة له سمعت أبي يوما يقول ما صليت غير الفرض استأثرت بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي.

قرأت على المبارك قلت له: حدثك محمد الصوري حدثنا أبو بكر بن الخصيب [ ص: 200 ] المصيصي قال: سمعت أحمد بن صالح يقول: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: إذا رأيت الكوفي يطعن على سفيان الثوري ، وزائدة: فلا تشك أنه رافضي، وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول ، والأوزاعي: فلا تشك أنه ناصبي، وإذا رأيت الخراساني يطعن على عبد الله بن المبارك فلا تشك أنه مرجئ. واعلم أن هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل لأن ما منهم أحد إلا وفي قلبه منه سهم لا برء له.

أخبرنا أبو بكر المؤرخ قراءة أخبرنا أبو طالب بن بكير أخبرنا أبو مخلد ابن جعفر قال: وأخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن أبي طالب الكاتب قالا حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري حدثني عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي حدثنا ثابت بن محمد حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن ابن عباس قال: " مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل مكشوفة فخذه فقال له: غط فخذك فإن فخذ الرجل من العورة ".

وروى بإسناده قال: قال عبد الله بن أحمد قلت لأبي: يا أبت من الحفاظ؟ قال: يا بني شباب كانوا عندنا من أهل خراسان وقد تفرقوا قلت: من هم يا أبت قال: محمد بن إسماعيل ذاك البخاري وعبيد الله بن عبد الكريم ذاك الرازي وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي والحسن بن شجاع ذاك البلخي.

وبإسناده قال أبو زرعة: كتبت عن رجلين مائتي ألف حديث عن إبراهيم الفراء مائة ألف وعن ابن أبي شيبة مائة ألف حديث.

وبإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: سمعت أبي يقول ما جاوز الجسر أفقه من إسحاق بن راهويه ولا أحفظ من أبي زرعة الرازي.

وبإسناده قيل لأبي بكر بن أبي شيبة: من أحفظ من رأيت؟ قال: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي زرعة الرازي. [ ص: 201 ]

وبإسناده قال أبو زرعة في شيء: ما كتبته منذ خمسين سنة ولم أطالعه منذ كتبته وإني أعلم في أي كتاب هو؟ في أي ورقة هو؟ في أي سطر هو؟

وبإسناده قال أحمد بن حنبل صح من الحديث سبعمائة ألف حديث وكسور وهذا الفتى يعني أبا زرعة قد حفظ ستمائة ألف.

وبإسناده قال إسحاق بن راهويه كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي ليس له أصل.

وبإسناده قال: قدم حمدون البردعي على أبي زرعة لكتابة الحديث فرأى في بعض داره أواني وفرشا كثيرة قال: وكان ذلك لأخيه، فهم أن يرجع ولا يكتب عنه فلما كان من الليل رأى كأنه على شط بركة ورأى ظل شخص في الماء فقال: أنت الذي زهدت في أبي زرعة؟ أعلمت أن أحمد بن حنبل كان من الأبدال فلما أن مات أبدل الله مكانه أبا زرعة.

وبإسناده قال أبو حاتم الرازي: أبو زرعة إمام.

وبإسناده قال حفص بن عبيد الله: اشتهيت أن أرحل إلى أبي زرعة الرازي فلم يقدر لي فدخلت إلى الري بعد موته فرأيته في النوم يصلي في السماء الدنيا بالملائكة فقلت: عبيد الله بن عبد الكريم؟ قال: نعم. قلت: بم نلت هذا؟ قال: كتبت بيدي ألف ألف حديث أقول فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا ".

وبإسناده قال أبو العباس المرادي: رأيت أبا زرعة في المنام فقلت: يا أبا زرعة ما فعل الله بك؟ قال: لقيت ربي فقال لي: يا أبا زرعة إني أوتى بالطفل فآمر به إلى الجنة فكيف بمن حفظ السنن على عبادي؟ تبوأ من الجنة حيث شئت.

وقال أبو زرعة: الأخبار التي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرؤية [ ص: 202 ] وخلق آدم على صورته والأحاديث التي في النزول ونحو هذه الأخبار: المعتقد من هذه الأخبار مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - والتسليم بها. حدثني أبو موسى الأنصاري قال: قال سفيان بن عيينة: ما وصف الله تبارك وتعالى به نفسه في كتابه فقراءته تفسيره ليس لأحد أن يفسره إلا الله.

وقال أبو زرعة: القرآن كلام الله غير مخلوق والذي يقف فيه على الشك هو والذي يقول مخلوق شيء واحد. أحمد بن حنبل يقول: تفرقت الجهمية على ثلاث أصناف: صنف قالت القرآن مخلوق وصنف وقفت وصنف قالت: لفظنا بالقرآن مخلوق.

قال أبو زرعة: الإيمان عندنا قول وعمل يزيد وينقص ومن قال غير ذلك فهو مبتدع مرجئ.

قيل لأبي زرعة: من الذي شهد على علي بن أبي طالب بتفضيل أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما؟ قال: أبو زرعة. روى ذلك من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو موسى ، وأبو هريرة ، وعمرو بن حريث ، وأبو جحيفة ومن التابعين محمد بن الحنفية ، وعبد خير ، وعلقمة ، وأبو هلال العلي.

قال أبو زرعة: الجمعة والجهاد عندنا مع البر والفاجر ممن يتولى ذلك من الولاة.

قال أبو زرعة: قال يزيد بن ميسرة: لا يكون الرجل حكيما كاملا حتى يدع شهوات الجسد كلها.

قال أبو زرعة: كان إبراهيم التيمي لا يأكل الشهر والشهرين شيئا وكان ابن أبي نعيم يواصل خمس عشرة وابن الزبير يواصل سبعا وقال سفيان الثوري: بت عند الحجاج ابن فرافضة ثلاث عشرة ليلة فلم أره أكل ولا شرب ولا نام.

وقال أبو زرعة: ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الدنيا وهو واجد لها وقد ذمها وقد عرضت عليه مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فأبى ذلك صلى الله [ ص: 203 ] عليه وسلم وقال - صلى الله عليه وسلم - : " والذي نفسي بيده لو شئت لسارت معي جبال الدنيا ذهبا وفضة ".

وروى ابن ثابت في ترجمة علي بن الجعد بإسناده عن سعيد بن عمرو البردعي قال: سمعت أبا زرعة يقول: كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن علي بن الجعد ولا سعيد بن سليمان ورأيتهما في كتابه مضروبا عليهما.

ونقلت من خط أخي أبي القاسم وسماعه بإسناده سئل أبو زرعة عن داود بن المحبر فقال: ضعيف الحديث وسئل عن الواقدي فقال: ترك الناس حديثه.

وقال أبو زرعة: قال عبد الرحمن بن مهدي لأحمد بن حنبل بين إسحاق بن أبي إسرائيل ، ومحمد بن جابر قرابة؟ فقال أحمد: لا، فقال عبد الرحمن لأبي عبد الله: إذا ذكرته تغير وجهك. فقال: لأنه رحل إليه.

وقال أبو زرعة: سألت أحمد بن حنبل عن حديث أسباط عن الشيباني عن إبراهيم قال: سمعت ابن عباس قال: عن ابن عباس. فقلت: إن أسباطا هكذا يقول؟ فقال: قد علمت، ولكن إذا قلت: "عن" فقد خلصته وخلصت نفسي أو نحو هذا المعنى.

وسئل أبو زرعة عن مولده فقال: ولدت سنة مائتين.

ومات بالري آخر يوم من ذي الحجة سنة أربع وستين ومائتين.

التالي السابق


الخدمات العلمية