صفحة جزء
1018 - أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن [ ص: 438 ] محمد بن محبور ، أنا الحسين بن محمد بن هارون ، أنا أحمد بن محمد بن نصر ، نا يوسف بن بلال ، نا محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله : وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وهم منافقو أهل الكتاب ، فذكرهم ، وذكر استهزاءهم وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم على دينكم إنما نحن مستهزئون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى : الله يستهزئ بهم في الآخرة يفتح لهم باب في جهنم من الجنة ، ثم يقال لهم : تعالوا ، فيقبلون يسحبون في النار ، والمؤمنون على الأرائك وهي السرر في الحجال ينظرون إليهم ، فإذا انتهوا إلى الباب سد عنهم فيضحك المؤمنون منهم ، فذلك قول الله عز وجل : الله يستهزئ بهم في الآخرة ويضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب فذلك قوله : فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون على السرر في الحجال ينظرون إلى أهل النار هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون . وروينا في معنى هذا مختصرا عن خالد بن معدان ، وبلغني عن الحسين بن الفضل البجلي أنه قال : أظهر الله للمنافقين في الدنيا من أحكامه التي له عندهم خلافها في الآخرة ، كما أظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما أضمروا من الكفر ، فسمى ذلك استهزءا بهم . وعن قطرب قال " الله يستهزئ بهم أي : يجازيهم جزاء [ ص: 439 ] الاستهزاء ، وكذلك سخر الله منهم ، ومكروا ومكر الله ، وجزاء سيئة سيئة هي من المبتدي سيئة ومن الله جزاء ، وهو من الجزاء على الفعل بمثل لفظه ، ومثله قوله : فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ؛ فالعدوان الأول ظلم ، والثاني جزاء ، والجزاء لا يكون ظلما ؛ وكذلك قوله : نسوا الله فنسيهم قال عمرو بن كلثوم :

ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا "

وقال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب إلي أبو نصر بن قتادة من كتابه : فيحتمل قوله : فنجهل فوق جهل الجاهلينا معنى فنعاقبه بأغلظ عقوبة ، فسمى ذلك جهلا ، والجهل لا يفتخر به ذو عقل ، وإنما قاله ليزدوج اللفظان فيكون ذلك أخف على اللسان من المخالفة بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية