صفحة جزء
1082 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو النضر الفقيه ، نا أبو عبد الله محمد بن أيوب ، أنا أبو الوليد ، نا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن عقبة بن عبد الغافر ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن رجلا ممن سلف من الناس رغسه الله مالا وولدا ، فلما حضره الموت قال لبنيه : أي أب كنت لكم ؟ قالوا : خير أب . قال : فإنه والله ما ابتأر عند الله خيرا قط ، وإن يقدر الله عليه يعذبه ، فإذا أنا مت فأحرقوني ثم ذروني في ريح عاصف . قال : فأخذ مواثيقهم على ذلك ففعلوا فلما حرقوه سحقوه ثم ذروه في ريح عاصف ، قال الله له : كن ، فإذا رجل قائم ، قال : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : لا إلا مخافتك أو خشيتك . قال : فوالذي نفسي بيده إن يلقاه غير أن غفر له " . رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد ، ورواه مسلم عن محمد بن المثنى ، عن أبي الوليد ، ورواه شيبان عن قتادة بإسناده ثم قال قتادة : " رجل خاف عذاب الله فأنجاه من عقوبته " . وقال غيره من أهل النظر : قوله : " لئن قدر علي ربي " أو إن يقدر الله عليه ، معناه قدر بالتشديد ، من التقدير ، لا من القدرة كما قلنا في الآية . وقال أبو سليمان الخطابي [ ص: 494 ] رحمه الله : وفي غير هذه الرواية : " فاذروني في الريح ، فلعلي أضل الله " . يريد : فلعلي أفوته ، يقال : ضل الشيء إذا فات وذهب ، ومنه قوله عز وجل : قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى أي : لا يفوته ، قال : وقد يسأل عن هذا ، فيقال : كيف يغفر له وهو منكر للبعث والقدرة على إحيائه وإنشائه ؟ فيقال : إنه ليس بمنكر ، إنما هو رجل جاهل ظن أنه إذا فعل به هذا الصنيع ترك ، فلم ينشر ولم يعذب ، ألا تراه يقول : " فجمعه ، فقال له لم فعلت ذلك ؟ فقال : من خشيتك " ، فقد بين أنه رجل مؤمن بالله عز وجل ، فعل ما فعل خشية من الله عز وجل إذا بعثه ، إلا أنه جهل فحسب أن هذه الحيلة تنجيه مما يخافه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية