صفحة جزء
417 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني عبد الله بن محمد الكعبي ، ثنا محمد بن أيوب ، أنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا هشام ، ثنا قتادة ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجمع المؤمنون يومئذ فيهتمون لذلك اليوم ، ويقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذافيأتون آدم ويقولون له: يا آدم ، أنت أبو الناس ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا [ ص: 488 ] إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا ، فيقول لهم: لست هناكم ، ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ، ولكن إيتوا نوحا أول رسول بعثه الله إلى الأرض ، فيأتون نوحا ، فيقول لهم: لست هناكم ، ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ، ولكن إيتوا إبراهيم خليل الرحمن ، فيأتون إبراهيم ، فيقول لهم: لست هناكم ، ويذكر لهم خطاياه التي أصاب ، ولكن إيتوا موسى ؛ عبدا آتاه الله التوراة ، وكلمه تكليما ، فيأتون موسى ، فيقول لهم: لست هناكم ، ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ، ولكن إيتوا عيسى رسول الله وكلمته وروحه ، فيأتون عيسى ، فيقول لهم: لست هناكم ، ولكن إيتوا محمدا؛ عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأتونني؛ فأنطلق معهم فأستأذن على ربي فيؤذن لي ، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقول لي: يا محمد ، ارفع رأسك سل تعطه، واشفع تشفع ، فأحمد ربي بمحامد علمنيها وأحد لهم حدا؛ فأدخلهم الجنة، ثم أرجع الثانية فأستأذن على ربي فيؤذن لي ، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقول: يا محمد ، ارفع رأسك سل تعط ، واشفع تشفع ، فأحمد ربي بمحامد علمنيها ، ثم أحد لهم حدا ثانيا فأدخلهم الجنة ، ثم أرجع الثالثة فأستأذن على ربي فيؤذن لي ، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقول: يا محمد ، ارفع رأسك ، سل تعطه واشفع تشفع ، فأحمد ربي بمحامد علمنيها ، ثم أحد لهم حدا ثالثا فأدخلهم الجنة حتى أرجع فأقول: يا رب ، ما بقي في النار إلا من وجب عليه الخلود ، أو حبسه القرآن " رواه البخاري في الصحيح، عن مسلم بن إبراهيم ، ورواه مسلم في الصحيح ، عن محمد بن المثنى ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، وفي هذا أن موسى عليه السلام مخصوص بأن الله تعالى جل ثناؤه كلمه تكليما ، ولو كان إنما سمعه من مخلوق لم يكن له خاصية ، وقوله في عيسى عليه السلام: إنه رسول الله وكلمته ، فإنما يريد به أنه بكلمة الله تعالى صار مكونا من غير أب ، أو أنه رسول الله ، [ ص: 489 ] وعن كلمته يتكلم ، والأول أشبه بالتخصيص ، وقد بين الله تعالى ذلك بقوله عز وجل: إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم يعني - والله أعلم - أوحى كلمته إلى مريم؛ فصار عيسى مخلوقا بكلمته من غير أب ، ثم بين الكلمة التي أوحى إلى مريم فصار عيسى بها مخلوقا ، فقال: إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ، فأخبر أن عيسى إنما صار مكونا بكلمة كن ، كما صار آدم بشرا بكلمة كن وبالله التوفيق.

التالي السابق


الخدمات العلمية