[ ص: 560 ] باب
قول الله عز وجل لله الأمر من قبل ومن بعد قول الله عز وجل:
لله الأمر من قبل ومن بعد وهذا كله وإن كان نزوله على سبب خاص فظاهره يدل على أن أمره قبل كل شيء سواه ، ويبقى بعد كل شيء سواه ، وما هذا صفته لا يكون إلا قديما ، وقوله تعالى:
ولولا كلمة سبقت من ربك وقوله عز وجل:
لولا كتاب من الله سبق وقوله جل وعلا:
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ، والسبق على الإطلاق يقتضي سبق كل شيء سواه ، وقوله تعالى:
حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون يعني - والله أعلم - إنا سميناه - يريد كلامه - قرآنا عربيا ، وأفهمناكموه بلغة العرب لعلكم تعقلون وهو كقوله:
وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أي سموهم، وقوله:
أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه أي سموا له شركاء ثم إن الله تعالى نفى عن كلامه الحدث بقوله:
وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم فأخبر أنه كان موجودا مكتوبا قبل الحاجة إليه في أم الكتاب ، وقوله عز وجل:
بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ فأخبر أن القرآن كان في اللوح المحفوظ يريد مكتوبا فيه ، وذلك قبل الحاجة إليه ، وفيه ما فيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد ، والخبر والاستخبار ، وإذا ثبت أنه كان موجودا قبل الحاجة إليه ثبت أنه لم يزل كما كان ، وقوله تعالى:
ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون يريد به ذكر القرآن لهم وتلاوته عليهم وعلمهم به ، فكل ذلك محدث،
[ ص: 561 ] والمذكور المتلو المعلوم غير محدث كما أن ذكر العبد لله عز وجل محدث والمذكور غير محدث، وقوله تعالى:
إنا أنزلناه في ليلة القدر يريد به - والله أعلم - إنا أسمعناه الملك وأفهمناه إياه وأنزلناه بما سمع فيكون الملك منتقلا به من علو إلى سفل ، وقوله تبارك وتعالى:
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، يريد به حفظ رسومه وتلاوته ، وقوله:
وأنزلنا الحديد والحديد جسم لا يستحيل عليه الإنزال ، ويجوز أن يكون ابتداء خلقه وقع في علو ، ثم نقل إلى سفل ، فأما الإنزال بمعنى الخلق فغير معقول ، وأما النسخ والإنشاء والنسيان والإذهاب ، والترك والتبعيض ، فكل ذلك راجع إلى التلاوة أو الحكم المأمور به، وبالله التوفيق.