صفحة جزء
باب الشين

67 - ذكر شداد بن أوس بن ثابت رضي الله عنه

أنصاري هو ابن أخي حسان بن ثابت ، توفي بفلسطين سنة ثمان وخمسين في أيام معاوية رضي الله عنه.

روي عن عبادة بن نسي ، قال: دخلت على شداد بن أوس ، رضي الله عنه، وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكرته في مجلسي هذا فأبكاني، قلت: وما هو؟ قال: رأيت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا ساءني، فقلت: يا رسول الله، ما هذا [ ص: 447 ] الذي أراه بوجهك؟ قال: "أمر تخوفته على أمتي من بعدي" ، قلت: وما هو؟ قال: "الشرك، والشهوة الخفية" ، قلت: أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: "أما إنهم لا يعبدون شمسا، ولا قمرا، ولا حجرا، ولا وثنا، ولكن يراءون بأعمالهم" ، قلت: أذلك شرك؟ قال: "نعم" ، قلت: فما الشهوة الخفية؟ قال: "أن يصبح أحدهم صائما، فتعرض له شهوة من شهوات الدنيا، فيفطر لها ويدع صومه" قال سفيان بن عيينة: قال عبادة بن الصامت ، رضي الله عنه: من الناس من أوتي علما ولم يؤت حلما، ومنهم من أوتي حلما ولم يؤت [ ص: 448 ] علما، وإن شداد بن أوس من الذين أوتوا العلم والحلم.

وقال شداد بن أوس: ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت حتى أزمها وأخطمها.

قال أسد بن وداعة: كان شداد بن أوس إذا دخل الفراش يتقلب على فراشه لا يأتيه النوم، فيقول: اللهم إن النار أذهبت مني النوم، فيقوم فيصلي حتى يصبح.

وقال شداد بن أوس: إنكم لم تروا من الخير إلا أسبابه، ولم تروا من الشر إلا أسبابه، الخير كله بحذافيره في الجنة، والشر كله بحذافيره في النار.

وقال: ما تكلمت منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بكلمة إلا مخطومة مزمومة.

وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا شداد ، إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة، فاكتنز هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في [ ص: 449 ] الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وشكر نعمتك، وحسن عبادتك، وبرد مغفرتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم " [ ص: 450 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية