صفحة جزء
107 - ذكر عياش بن أبي ربيعة المخزومي رضي الله عنه

قال ابن إسحاق: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة وهو بمكة، فأقام معه حتى هاجر إلى المدينة.

روي عن عمر رضي الله عنه، قال:، اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص بن وائل ، حين أردنا أن نخرج إلى المدينة التناضب من إضاءة بني غفار، وقلنا: أيكم ما تخلف عن الصبح، فقد حبس فلينطلق من أصبح عندهن، فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عندهن، وحبس هشام وفتن فافتتن، فقدمت المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة ، فنزلنا بقباء، فلما اطمأننا قدم على عياش أخواه لأمه، أبو جهل ، والحارث ، فقالا له: إن أمك قد نذرت أن لا يظلها ظل ولا يمس رأسها غسل حتى [ ص: 600 ] تراك، فقلت: والله، إن يريدان إلا أن يفتناك عن دينك، ولو قد وجدت أمك حر مكة لقد استظلت، ولو قد آذاها القمل لقد امتشطت، فقال عياش: إن لي بمكة مالا فلعلي آخذه، قلت: والله لقد علمت أني من أكثر قومي مالا فلك نصف مالي فلا ترجع معهما، فلما أبى إلا الرجعة، قلت له: هذه ناقتي فخذها فإنها ذلول ناجية، فالزم ظهرها، فإن رابك من الرجل شيء فانج عليها، فخرجا به فلما دنوا من مكة، قال: أحدهما وهو أبو جهل: يا أخي لقد استغلظت بعيري هذا، فلو أعقبتني على ناقتك فإنها ألين منه فنزل، فلما وقع إلى الأرض أوثقاه وضرباه، فلما دخل مكة قالا: يا أهل مكة، هكذا فافعلوا بسفهائكم ثم فتنوه فافتتن " قال عمر رضي الله عنه: كنا نقول: ما لمن افتتن من توبة، وكانوا يقولون: ما الله بقابل منا شيئا قد تركنا الإسلام لبلاء يسير أصابنا، فأنزل الله عز وجل فيهم: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، قال عمر: فكتبتها ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص ، قال هشام: لما أتتني جعلت أقرؤها فلا أفهمها، فقلت: اللهم فهمنيها، فألقي في نفسي أنها إنما أنزلت لما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا، فجلست على بعيري ثم لحقت بالمدينة [ ص: 601 ] .

قال أهل التفسير: نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة وأصحابه ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع رأسه من الركعة الأخيرة في صلاة الفجر، قال: "اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين بمكة، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف" [ ص: 602 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية