صفحة جزء
160 - ذكر الأحنف بن قيس رضي الله عنه، كنيته: أبو بحر

من عقلاء الناس وفصائحهم، من وجوه أهل البصرة، مات بالكوفة سنة سبع وستين في إمارة ابن الزبير وصلى عليه مصعب [ ص: 701 ] بن الزبير ، ومشى في جنازته بلا رداء.

وقال مالك: قال معاوية ، للأحنف بن قيس: بم سدت قومك؟ قال: لا أتكلف ما كفيت، ولا أضيع ما وليت.

وقال ابن المبارك: قيل للأحنف: بم سدت قومك؟ قال: لو عاب الناس الماء ما شربته.

وقيل للأحنف: مالك لا تمس الحصا؟ قال: ما في مسه أجر، ولا في تركه وزر.

وقال: إن في لخلتين لا أغتاب جليسا إذا قام من عندي، ولا أدخل في أمر قوم لم يدخلوني معهم فيه.

وقال السدي: عاشت بنو تميم بحكم الأحنف أربعين سنة.

وقال خالد بن صفوان: سألني سليمان بن عبد الملك ، كيف سادكم الأحنف وليس بأشرفكم، ولا أكثركم مالا؟ قلت: إن شئت في ثلاث، وإن شئت في خصلتين، وإن شئت في واحدة.

قال: في ثلاث، قلت: كان لا يحسد، ولا يحرص، ولا يدفع الحق إذا وجب.

قال: في ثنتين، قلت: كان يلقي الخير، ويوقي الشر.

قال: في واحدة، قلت: لم يكن أحد [ ص: 702 ] له من السلطان على نفسه ما كان له على نفسه.

قال: أجملت.

وروي عن سلمة بن منصور ، قال: كان عامة صلاة الأحنف بالليل، وكان يضع السراج قريبا منه، فربما وضع إصبعه عليه، ويقول: حس يا أحنف ، ما حملك يوم كذا على أن فعلت كذا.

وقال مغيرة: اشتكى ابن أخي الأحنف إليه وجع ضرسه، فقال له: لقد ذهبت عيني منذ عشرين سنة ما ذكرتها لأحد.

وقال ابن المبارك: لم تر الخيل البلق بعد وقعة الأحنف بخراسان مع الهياطلة من الترك، وهو يرتجز:

إن على كل رئيس حقا أن يخضب الصعدة أو تندقا

واستعمل على الميمنة رجلا يقرأ: البقرة.

وعلى الميسرة رجلا يقرأ: آل عمران.

وهو في أربعة آلاف، وهم في ثلاث مائة ألف، فنصره الله عليهم [ ص: 703 ] .

وقال ابن المبارك: شتم رجل الأحنف ، فلما فرغ، قال الأحنف: ستر الله الأكثر.

وقيل للأحنف: لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا، قال الأحنف: لكنك لو قلت عشرا لا تسمع واحدة.

التالي السابق


الخدمات العلمية