صفحة جزء
166 - ذكر بلال بن سعد بن تميم السكوني الشامي رحمه الله

يروي عن أبيه، وكان لأبيه صحبة، وكان عابدا زاهدا يقص في ولاية هشام بن عبد الملك.

حدثنا إسماعيل بن عثمان الإبريسمي ، أخبرنا أبو سعيد الصيرفي ، حدثنا الأصم ، حدثنا العباس بن الوليد ، أخبرني أبي، حدثنا الأوزاعي ، سمعت بلال بن سعد ، يقول: "زاهدكم راغب، وعالمكم جاهل، وجاهلكم مغتر" .

قال الأوزاعي: كان بلال بن سعد من العبادة على شيء لم يسمع بأحد قوي عليه، كان له في كل يوم وليلة اغتسال وقال: ما أتى عليه زوال قط إلا وهو فيه قائم يصلي [ ص: 711 ] .

قال: وأخبرنا العباس ، أخبرني أبي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال بلال بن سعد "الذكر ذكران، ذكر الله باللسان حسن جميل، وذكر الله عندما أحل وحرم أفضل"

حدثنا العباس: أخبرنا محمد بن شعيب ، أخبرني عثمان بن مسلم ، أنه سمع بلال بن سعد يقول: "رب مسرور مغبون، ورب مغبون لا يشعر، فالويل لمن له الويل ولا يشعر، يأكل، ويشرب، ويضحك وقد حق عليه في قضاء الله أنه من أهل النار، فيا ويل لك روحا، ويا ويل لك جسدا، فلتبك ولتبك عليك البواكي طول الأبد

قال: وأخبرنا العباس ، أخبرنا الضحاك بن عبد الرحمن ، سمعت بلال بن سعد ، يقول: "عباد الرحمن اعلموا أنكم تعملون في أيام قصار لأيام طوال وفي دار زوال لدار إقامة، وفي دار تعب وحزن لدار نعيم وخلد ومن لم يعمل على اليقين فلا يتعن

قال: وأخبرنا العباس ، أخبرني جدي الضحاك ، سمعت بلال بن سعد ، يقول: "عباد الرحمن هل جاءكم مخبر يخبركم أن شيئا من أعمالكم تقبلت منكم أو شيئا من خطاياكم غفرت لكم: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون .

والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا [ ص: 712 ] لاستقللتم ما افترض عليكم، أفترغبون في طاعة الله لتعجيل دراهم، ولا ترغبون وتنافسون في جنة أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار

قال: وسمعت بلال بن سعد ، يقول: "عباد الرحمن يقال لأحدنا: تحب تموت؟ فيقول: لا، فيقال له: لم؟ فيقول: حتى أعمل، فيقال له: اعمل، فيقول: سوف، فلا يحب أن يموت ولا يحب أن يعمل، وأحب شيء إليه أن يؤخر عمل الله، ولا يحب أن يؤخر عنه حرص دنياه

وقيل: وسمعت بلال بن سعد ، يقول: "عباد الرحمن أما ما وكلكم الله به فتضيعون، وأما ما تكفل الله لكم به فتطلبون، ما هكذا نعت الله عباده المؤمنين ذوي عقول في طلب الدنيا، وبله عما خلقتم له، فكما ترجون رحمة الله بما تؤدون من طاعته، فكذلك أشفقوا من عقاب الله بما تنتهكون من معاصيه

قال: سمعت بلال بن سعد ، يقول: "عباد الرحمن، أربع خصال جاريات عليكم من الرحمن عز وجل مع ظلمكم أنفسكم وخطاياكم [ ص: 713 ] :

أما رزقه فدار عليكم، وأما رحمته فغير محجوبة عنكم، وأما ستره فسابغ عليكم، وأما عقابكم فلم يعجل لكم، ثم أنتم على ذلك تجترئون على إلاهكم، أنتم اليوم تكلمون والله ساكت، ويوشك الله أن يتكلم وتسكتون، ثم يثور من أعمالكم دخان تسود منه الوجوه: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون

التالي السابق


الخدمات العلمية