صفحة جزء
باب الثاء

171 - ذكر ثابت بن أسلم البناني بصري رضي الله عنه

صحب أنسا رضي الله عنه أربعين سنة، وكان من أعبد أهل [ ص: 716 ] البصرة، مات سنة سبع وعشرين ومائة، وهو ابن ست وثمانين سنة.

قال شعبة: كان ثابت يقرأ القرآن في كل يوم وليلة، ويصوم الدهر.

وقال جعفر بن سليمان سمعت ثابتا: ما تركت في مسجد الجامع سارية إلا وقد ختمت القرآن عندها، وبكيت عندها.

وقال إبراهيم بن الصمة حدثني الذين كانوا يمرون بالجص من الأسحار قالوا: إذا مررنا بجنبات قبر ثابت سمعنا قراءة القرآن.

وقال ثابت: الصلاة خدمة الله في الأرض، لو علم الله شيئا أفضل من الصلاة ما قال: فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب [ ص: 717 ] .

وقال: كابدت الصلاة عشرين سنة، وتنعمت بها عشرين سنة، وقال أنس ، رضي الله عنه: إن للخير مفاتيح، وإن ثابتا مفتاح من مفاتيح الخير.

وقال ثابت ، لحميد الطويل: هل بلغك يا أبا عبيدة أن أحدا يصلي في قبره إلا الأنبياء؟ قال: لا.

قال ثابت: اللهم إن أذنت لأحد أن يصلي في قبره فأذن لثابت أن يصلي في قبره.

قال جسر أنا والله الذي لا إله إلا هو أدخلت ثابتا البناني لحده ومعي حميد الطويل ، فلما سوينا عليه اللبن سقطت لبنة، فإذا أنا به يصلي في قبره، فقلت لحميد: ألا ترى؟ قال: اسكت، فلما فرغنا أتينا ابنته، فقلنا: ما كان عمل ثابت؟ قالت: وما رأيتم؟ فأخبرناها، فقالت: كان يقوم الليل خمسين سنة، فإذا كان السحر قال في دعائه: اللهم إن كنت أعطيت أحدا من خلقك الصلاة في قبره فأعطنيها، فما كان الله ليرد ذلك الدعاء [ ص: 718 ] .

ومن كلام ثابت ، رضي الله عنه، قال: لا يسمى عابد عابدا وإن كان فيه كل خصلة خيرة حتى تكون فيه هاتان الخصلتان: الصوم، والصلاة، لأنهما من لحمه ودمه.

وقال حرمي: استعان رجل بثابت البناني على القاضي في حاجة فجعل لا يمر بمسجد إلا نزل فصلى حتى انتهى إلى القاضي، فكلمه في حاجة الرجل، فقضاها، فأقبل ثابت على الرجل، فقال: لعله شق عليك ما رأيت؟ قال: نعم، قال: ما صليت صلاة إلا طلبت إلى الله تعالى في حاجتك.

وقال في دعائه: يا باعث يا وارث، لا تدعني فردا وأنت خير الوارثين.

وقال: ما على أن يذكر الله في كل يوم ساعة فيربح يومه.

وقال: طوبى لمن ذكر ساعة الموت، وما أكثر عبد ذكر الموت إلا رئي ذلك في عمله.

وقال: الليل والنهار أربع وعشرون ساعة لا يأتي على ذي روح إلا [ ص: 719 ] وملك الموت قائم عليها، فإن أمر بقبضها قبضها وإلا ذهب.

وقال محمد بن ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي وهو في الموت لا إله إلا الله، فقال: يا بني دعني فإني في وردي السادس أو قال السابع.

وقال جعفر بن سليمان: اشتكى ثابت عينه من كثرة بكائه حتى كادت تذهب فجاءوا بالطبيب يعالجها، فقال: اضمن لي خصلة تبرأ عينك، قال: وما هي؟ قال: لا تبك، قال: وما خير في عين لا تبكي، وأبى أن يعالج.

وقال له أنس بن مالك رضي الله عنه: ما أشبه عينك بعين رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يبكي حتى عمشت [ ص: 720 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية