صفحة جزء
باب الجيم

172 - ذكر جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه

يقال: إنه الصادق.

قال عمرو بن أبي المقدام: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين.

وقال جعفر بن محمد: الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم.

وقال جعفر بن محمد: إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب وتورث النفاق [ ص: 722 ] .

وقال جعفر بن محمد: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: تعجيله، وتصغيره، وستره.

وقال سفيان الثوري: دخلت على جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكناء، وعليه كساء خز، فجعلت أنظر إليه متعجبا، فقال لي: يا ثوري مالك تنظر إلينا لعلك تعجب مما ترى.

فقلت: يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك ولباس آبائك، فقال: يا ثوري كان ذلك زمانا مقفرا وكانوا يعملون على قدر إقفاره، وهذا زمان قد أسبل كل شيء عزاليه.

ثم حسر عن ردن جبته فإذا جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل والردن عن الردن، فقال: يا ثوري لبسنا هذا لله وهذا لكم، فما كان لله أخفيناه وما كان لكم أبديناه.

وقال أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي: وقع الذباب على المنصور فذبه عنه فعاد فذبه عنه حتى أضجره، فدخل جعفر بن محمد ، فقال له المنصور: يا أبا عبد الله: لم خلق الله الذباب؟ قال: ليذل به الجبابرة [ ص: 723 ] .

وقال جعفر بن محمد: لما دخل يوسف عليه السلام يعني مع امرأة العزيز البيت كان في البيت صنم من ذهب أو غيره، فقالت: كما أنت حتى أغطي الصنم، فإني أستحيي منه، فقال يوسف: هذه تستحيي من الصنم، فأنا أحق أن أستحيي من الله، قال: فكف عنها وتركها.

وقال جعفر بن محمد: قال موسى عليه السلام: أسألك يا رب ألا يذكرني أحد إلا بخير، قال: ما فعلت ذلك لنفسي.

وقال جعفر: أوحى الله إلى الدنيا: أن اخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك.

ومن وصايا جعفر لابنه موسى: يا بني من قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه [ ص: 724 ] .

يا بني: من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم.

يا بني: إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل.

يا بني: قل الحق لك وعليك.

يا بني: كن بالمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، ولمن قطعك واصلا، ولمن سكت عنك مبتدءا، ولمن سألك معطيا، وإياك والنميمة، فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف.

يا بني: إذا زرت فزر الأخيار، ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة لا ينفجر ماؤها، وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا يظهر عشبها.

وقال جعفر بن محمد: لا زاد أفضل من التقوى، ولا شيء أحسن من الصمت، ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدوى من الكذب [ ص: 725 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية