صفحة جزء
201 - ذكر سلمة بن دينار رضي الله عنه وهو أبو حازم الأعرج ،

قال أبو حازم: يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة، وإنك تجد الرجل يشغل نفسه بهم غيره، حتى لهو أشد اهتماما من صاحب الهم بهم نفسه.

وقال: إذا عزم العبد على ترك الآثام أتته الفتوح من كل جانب، [ ص: 795 ] وكل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية، وينبغي للمؤمن أن يكون أشد حفظا للسانه منه لموضع قدميه.

وقال لابنه: يا بني لا تقتد بمن لا يخاف الله بظهر الغيب، ولا يعفو عن العيب، ولا يصلح عند الشيب.

وقال: قاتل هواك أشد ما يقاتلك عدوك.

وقال رجل لأبي حازم: إنك متشدد، لا أتشدد وقد ترصدني أربعة عشر عدوا، أما الأربعة: فشيطان يفتتني، ومؤمن يحسدني، وكافر يقاتلني، ومنافق يبغضني.

وأما العشرة: فالجوع، والعطش، والعري، والحر، والبرد، والمرض، والفقر والسؤال، والموت، والنار، ولا أطيقهن إلا بسلاح، ولا أجد لهن سلاحا أفضل من التقوى.

وقيل له: ما مالك؟ فقال: ثقتي بالله وإياسي مما في أيدي الناس.

وقال: لا تريد أن تموت حتى تتوب، ولا تتوب حتى تموت، وإن مت لم ترفع الأسواق لموتك، إن شأنك صغير فاعرف نفسك.

ومر بأبي جعفر المدائني وهو مكتئب حزين، فقال: لعلك ذكرت ولدك من بعدك فحزنت، قال: نعم.

قال: فلا تفعل، إن كانوا لله أولياء فلا تخف عليهم الضيعة، وإن كانوا لله أعداء فلا تبال ما لقوا بعدك [ ص: 796 ] .

وقال: ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من شيء نحن عليه.

وقال عبد الرحمن بن زيد قال ابن المنكدر ، لأبي حازم: ما أكثر من يلقاني فيدعو بالخير، ما أعرفهم وما صنعت إليهم خيرا قط.

قال: لا تظن أن ذلك من عملك، ولكن انظر إلى الذي ذاك من قبله فاشكره، وقرأ ابن يزيد: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .

قال أهل التاريخ: أبو حازم الأعرج من أهل المدينة، يروي عن سهل بن سعد ، كان قاص أهل المدينة، وكان عابدا زاهدا، بعث إليه سليمان بن عبد الملك ، بالزهري أن ائتني، فقال له الزهري: أجب الأمير، فقال أبو حازم: مالي إليه حاجة، فإن كانت له حاجة فليأتني.

قيل: مات سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل سنة أربعين [ ص: 797 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية