صفحة جزء
210 - ذكر صلة بن أشيم العدوي رضي الله عنه تابعي بصري

روى جعفر بن زيد ، قال: خرجنا في غزاة إلى كابل وفي الجيش صلة بن أشيم ، فنزل الناس عند العتمة فقلت: لأرمقن عمله فانظر ما يذكر الناس من عبادته، فصلى العتمة ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس، حتى إذا قلت: هدأت العيون، وثب فدخل غيضة قريبة منا فدخلت في أثره فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلاة، وجاء أسد حتى دنا منه قال: فصعدت في شجرة، ولم يلتفت صلة إليه فلما سجد قلت: الآن يفترسه الأسد، فلم يكن شيئا، ثم سلم فقال: أيها السبع اطلب الرزق من مكان آخر، فولى وإن له لزئيرا أقول: تصدع منه الجبال، فما زال كذلك يصلي حتى كان عند الصبح جلس، فحمد الله بمحامد لم أسمع مثلها ثم قال: اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار أو مثلي يجترئ أن يسألك [ ص: 823 ] الجنة، ثم رجع فأصبح كأنه بات على الحشايا، وأصبحت وبي من الفترة شيء الله به عليم.

الحشايا: الفرش المحشوة بالحليج.

وقال رجل لصلة: ادع الله لي، قال: رغبك الله فيما يبقى، وزهدك فيما يفنى، ووهب لك اليقين الذي لا يعول في الدين إلا عليه.

وقال صلة: طلبت الدنيا مظان حلالها، فجعلت لا أصيب منها إلا قوتا فقلت: أي نفسي، جعل الله رزقك كفافا فأربعي.

قوله فأربعي معناه: اسكني ولا تتعبي.

وفي رواية قال: طلبت المال من وجهه فأعياني إلا رزق يوم بيوم فعرفت أنه قد خير لي.

أي قضي لي ما هو خير لي [ ص: 824 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية