صفحة جزء
324 - ذكر عبد الله بن المبارك رضي الله عنه

من أهل مرو، يروي عن حميد الطويل ، مات بهيت، مدينة على الفرات، وقبره بها.

كان فيه خصال مجتمعة لم تجتمع في أحد من أهل العلم في زمانه، كان فقيها عالما ورعا حافظا يعرف السنن، رحالا في طلب العلم، شجاعا ينازل الأبطال، أديبا يقول الشعر، سخيا بما يملك، وكان إذا سافر يحمل سفرته على جمله من كبرها، فإذا نزل طرحها فوردها من احتاج إليها، وكان يقول: لولا فضيل بن عياض ما اتجرت.

قال عبد الله بن المبارك: من بخل بالعلم ابتلي بثلاث: إما بموت فيذهب علمه، أو بالنسيان، أو يبتلى بالسلطان [ ص: 1022 ] .

وسئل ابن المبارك عن التواضع فقال: التكبر على الأغنياء.

وسئل ابن المبارك: من الناس؟ قال: العلماء.

قيل: فمن الملوك؟ قال: الزهاد.

وسئل ابن المبارك عن مسألة وإلى جنبه أبو إسحاق الفزاري فأشار ابن المبارك إلى السائل وهو خرساني أن يسأل أبا إسحاق ، فسأله فأجابه، ثم قال الخرساني ، لابن المبارك بالفارسية "توجه مي كوهي" فقال ابن المبارك: "ما بمجلس مهنران سخن تكويم" .

وقال ابن المبارك: أول ما يوضع في ميزان المؤمن يوم القيامة ما ينفق على عياله من الحلال.

وقال ابن مزاحم: أخبرني رجل كان ذهب بصره، قال ابن المزاحم: فرأيته بعد ذلك بصيرا.

وقال ابن المبارك: من طاب أصله حسن محضره [ ص: 1023 ] .

قال ابن المبارك: الأقارب عقارب خيرها أبعدها وشرها أقربها.

وقال ابن المبارك: العجب: أن ترى أن عندك شيئا ليس عند غيرك، والكبر: أن تزدري الناس.

وقال عبد الله بن المبارك: دخل سفيان الثوري الحمام فدخل عليه غلام صبيح فقال: أخرجوه أخرجوه، فإني أرى مع كل امرأة شيطانا ومع كل غلام بضعة عشر شيطانا.

وقال ابن المبارك: كم من مركوب خير من راكب وأطوع لله وأكثر ذكرا.

وقال ابن المبارك: الكسب أحب لي من ضرب السيف في سبيل الله.

وقال محمد بن المعتمر بن سليمان: قلت لأبي: يا لأبه من فقيه العرب؟ قال: سفيان الثوري ، فلما مات سفيان الثوري ، قلت لأبي: يا أبه من فقيه العرب؟ قال: عبد الله بن المبارك فقيه العرب والعجم.

وقال ابن المبارك: قال أبي لئن وجدت كتبك لأحرقتها، قال: قلت: وما علي من هذا وهو في صدري [ ص: 1024 ] .

وقيل لابن المبارك: إلى متى تطلب العلم؟ قال: إلى أن أموت.

وفي رواية: إلى متى تطلب الحديث.

وقال علي بن الحسن بن شقيق: كنت مع عبد الله بن المبارك في ليلة شتوية باردة في المسجد، فقمنا لنخرج، فلما كنا عند باب المسجد ذاكرني بحديث أو ذاكرته فما زال يذاكرني وأذاكره حتى جاء المؤذن فأذن لصلاة الصبح.

وقال سلام بن أبي مطيع: ما خلف ابن المبارك بالمشرق مثله.

وقال شعبة: ما قدم علينا من ناحية مثله.

وقال ابن أبي الحواري: جاء رجل من بني هاشم إلى عبد الله بن المبارك ليسمع منه فأبى أن يحدثه، فقال الهاشمي لغلامه: قم أبو عبد الرحمن لا يرى أن يحدثنا، فلما قام الهاشمي ليركب جاء ابن المبارك ليمسك بركابه قال: يا أبا عبد الرحمن لا ترى أن تحدثني وترى أن تمسك بركابي، فقال ابن المبارك: رأيت أن أذل لك بدني ولا أذل لك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 1025 ] .

وقال يحيى بن معين وذكر عنده ابن المبارك ، فقال: سيد من سادات المسلمين.

وقال سفيان الثوري: إني لأجهد سنة أن أكون مثل ابن المبارك ثلاثة أيام فما أقدر عليه.

وقال عبد الرحمن بن مهدي: رأيت سفيان الثوري وخبرته، ورأيت عبد الله بن المبارك وخبرته، فكان عبد الله أجمع في الشجاعة والسخاء ونحوه.

وقال نعيم بن حماد: ما رأيت أعقل من عبد الله بن المبارك ، ولا أكثر اجتهادا في العبادة منه.

وقال الفضيل بن عياض: ورب هذا البيت ما رأت عيناي مثل عبد الله بن المبارك.

التالي السابق


الخدمات العلمية