صفحة جزء
459 - ذكر أبي جعفر محمد بن فاذة رضي الله عنه

كان مجتهدا قويا في العبادة سخيا في البذل والعطية،
ورث عن أبيه أموالا كثيرة، قال أبو منصور: فبلغني أنهم وزنوا الدراهم بالقبان، وكان له أخ عابد فاضل، فأنفق أبو جعفر على أستاذه أبي عبد الله محمد بن يوسف جملة.

قال الشيخ أبو منصور وأخبرني الثقة، أنه رفع عنه شغل عياله سنين عدة، لا يعلم بذلك أبو عبد الله ، كان له ثقة، فيأمر أن يشتري الدقيق وسائر ما يحتاج إليه محمد بن يوسف وعياله فيحمله إلى منزله ويأمر صاحبه أن لا يخبر بذلك أحدا، فجرى على ذلك سنين، فألح أبو عبد الله يوما على هذا الرجل وقال: أخبرني من الرجل الذي كفاني مؤونة عيالي؟ فقال: أبو جعفر محمد بن فاذة ، فقال: جزاه [ ص: 1184 ] الله عني أفضل الجزاء.

قال أبو منصور: وأخبرنا أحمد بن الحسين الموازيني ، قال: كان أبو جعفر لزم داره سنتين، فكنا نزوره فإذا دققنا الباب جاء أخ له عابد فيفتح الباب ويرجع إلى عبادته، وكان أبو جعفر يختم في كل يوم ثلاث ختمات، قال الموازيني: كان يقرأ القرآن في المصحف وكان على الأوراق علامة التصفح من كثرة ما يقرأ وسرعة ما يتصفح الأوراق، وكان مصحفه كبيرا على رحل ينظر فيه ويقرأ، وقيل له يوما هل تذكر حين قال الله عز وجل: ألست بربكم .

قال: نعم كأنه أمس.

قال الشيخ أبو منصور: وسمعت أبا إسحاق إبراهيم بن القطان ، يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن يوسف النجار ، يقول: دخلت على ابن فاذة في صميم الشتاء وعليه قميص خلق فقلت: يا أبا جعفر أما تجد البرد؟ قال: ناولني يدك وقل: لا إله إلا الله، فأدخلت يدي تحت قميصه وقلت: لا إله إلا الله فإذا هو يعرق، والله تعالى أعلم [ ص: 1185 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية