صفحة جزء
فصل

روي عن عمرو بن جاوان ، قال: قلت له: لم كان اعتزال الأحنف؟ قال: قال الأحنف: انطلقنا حجاجا فمررنا بالمدينة فبينما نحن في منزلنا نضع رحالنا إذ جاءنا آت، فقال: قد فزع الناس إلى المسجد، فانطلقت أنا وصاحبي فإذا الناس مجتمعون على نفر في المسجد فتخللتهم حتى قمت عليهم، فإذا علي بن أبي طالب ، والزبير ، وطلحة ، وسعد ، رضي الله عنهم وهم قعود، فلم يكن بأسرع من أن جاء عثمان رضي الله عنه يمشي إلى المسجد، وعليه ملية صفراء، قد رفعها على رأسه، فقلت لصاحبي: كما أنت حتى أنظر ما جاء به، فلما دنا منهم، قالوا: هذا ابن عفان ، هذا ابن عفان ، فقال: أها هنا علي؟ قالوا: نعم.

قال: أها هنا طلحة؟ قالوا: نعم.

قال: أها هنا الزبير؟ قالوا: نعم.

قال: أها هنا سعد؟ قالوا: نعم.

قال: نشدتكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من يبتاع مربد بني فلان، غفر الله له" فابتعته، قال: أحسب أنه قال بعشرين وبخمسة وعشرين ألفا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: قد ابتعته، قال: "اجعله في مسجدنا وأجره لك؟" قالوا: نعم، قال: نشدتكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "من يبتاع بئر رومة غفر الله له" فابتعتها بكذا وكذا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت إني قد ابتعت بئر رومة، قال: "اجعلها سقاية للمسلمين، وأجرها لك؟" قالوا: نعم، قال: نشدتكم بالله الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 178 ] نظر في وجوه القوم يوم جيش العسرة، فقال: "من يجهز هؤلاء غفر الله له" فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد.


وعن محمد بن جبير بن مطعم ، قال: أرسلني عثمان إلى علي رضي الله عنهما فقال: قل له: إن ابن عمك مقتول وإنك مسلوب وعن أبي ليلى الكندي ، قال: أشرف علينا عثمان رضي الله عنه يوم الدار، فقال: يا أيها الناس لا تقتلوني فإنكم إن قتلتموني كنتم كهاتين وشبك بين أصابعه.

وعن امرأة عثمان رضي الله عنه، قالت: استيقظ عثمان رضي الله عنه، فقال: ما أرى القوم إلا سيقتلوني، إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر ، وعمر ، فقالوا: "إنك تفطر عندنا الليلة" .

وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه، قال: أتيت عثمان رضي [ ص: 179 ] الله عنه لأسلم عليه وهو محصور، فدخلت عليه، فقال: مرحبا يا أخي، ما يسرني أنك كنت وراك ، في هذه الليلة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخوخة، فقال لي: "يا عثمان حصروك؟" قلت: نعم.

قال: "أعطشوك؟" قلت: نعم، قال: فدلى لي دلوا فشربت منه حتى رويت فإني لأجد برد الماء بين ثديي وبين كتفي.

قال: "إن شئت أفطرت عندنا، وإن شئت نصرت عليهم"، فاخترت أن أفطر عنده.

فقتل ذلك اليوم.

التالي السابق


الخدمات العلمية