صفحة جزء
508 - ذكر أبي محمد بن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالى واسمه عبد الرحمن ، وقد مضى ذكره في باب العين.

أخبرنا أبو ثابت الرازي في كتابه، أخبرنا أبو حاتم أحمد بن الحسن ، أخبرنا أحمد بن علي بن سلم بن علي بن إبراهيم الخطيب الرازي المجاور بمكة، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسن البصري ، بالري، في جنازة عبد الرحمن بن أبي حاتم ، وكان رحل إليه من العراق وسمع منه يقول: قلنسوة عبد الرحمن من السماء، وما هو بعجب، رجل منذ ثمانين سنة على وتيرة واحدة ما انحرف عن الطريق ساعة واحدة [ ص: 1232 ] .

قال: وأخبرني علي بن إبراهيم الخطيب ، قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الفرضي ، يقول: ما رأيت أحدا ممن عرف عبد الرحمن ذكر عنه جهالة قط، وكنت ملازما له مدة طويلة، فما رأيته إلا على وتيرة واحدة، ولم أر منه ما أنكرته من أمر الدنيا ولا من أمر الآخرة، بل رأيته صائنا لنفسه ودينه ومروءته.

قال: وأخبرنا علي بن إبراهيم ، قال: سمعت العباس بن أحمد الكيليني ، يقول: بلغني أن أبا حاتم ، قال: ومن يقوى على عبادة عبد الرحمن؟ ! لا أعرف لعبد الرحمن ذنبا.

قال علي بن إبراهيم: سمعت عبد الرحمن ، يقول: لم يدعني أبي أشتغل بالحديث حتى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان ، ثم كتبت الحديث.

وكان حافظا للقرآن ويصلي التراويح بنفسه.

قال علي بن إبراهيم: وسمعت أبا عبد الله بن دينار الدينوري ، يقول: قد رأيت مشايخ أهل العلم ما رأيت أحسن شيبة من عبد الرحمن بن أبي حاتم.

قال علي بن عبد الرحمن: كان عبد الرحمن بن أبي حاتم ، مقبلا على العبادة من صغره، والسهر بالليل، والذكر ولزوم الطهارة، فكساه الله بهاء ونورا، فكان يسر به من نظر إليه.

قال: وأخبرنا علي بن إبراهيم ، قال: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله [ ص: 1233 ] البغدادي ، بمكة يقول: كان من منة الله على عبد الرحمن أنه ولد بين قماطر العلم والروايات، وتربى بالمذكرات بين أبيه وأبي زرعة ، فكانا يزقانه كما يزق الفرخ الصغير، ويعنيان به فاجتمع له مع جوهر نفسه كثرة عنايتهما، ثم تمت النعمة برحلته مع أبيه، فأدرك الإسناد وثقات الشيوخ بالحجاز، والعراق، والشام، والثغور، وسمع بأنبجانة، حتى عرف الصحيح من السقيم وترعرع في ذلك ثم كانت رحلته الثانية بنفسه بعد تمكن معرفته، يعرف له ذلك ويقدم لحسن فهمه وديانته وقديم سلفه.

قال: سمعت أبا أحمد الدرستيني ، يقول: سمعت عبد الرحمن ، يقول: ساعدني الدولة في كل شيء حتى أخرجني أبي سنة خمس وخمسين ومائتين، وما احتلمت بعد، فلما أن بلغنا الليلة التي خرجنا فيها من المدينة نريد ذا الحليفة، احتلمت فحكيت ذلك لأبي فسر بذلك وقال: الحمد لله حيث أدركت حجة الإسلام.

وقال علي بن إبراهيم: وفي هذه السنة سمع عبد الرحمن من ابن المقرئ حديثه عن سفيان ، ومن مشايخ مكة والواردين إليها، وخرج عبد الرحمن ، ومات ابن المقرئ من قابل سنة ست وخمسين ومائتين، وسمع عبد الرحمن في انصرافه من الحج سنة ست وخمسين من ابن سعيد الأشج ومشايخ الكوفيين مع أبيه، ومشايخ الواسطيين، أحمد بن [ ص: 1234 ] سنان ، وعدة من مشايخ أهل واسط، ، والحسن بن عرفة ببغداد وسامراء.

قال عبد الرحمن: سمعت الحسن بن عرفة ، يقول: أنا ابن مائة وعشرين سنة.

قال علي بن إبراهيم: فكان أبو زرعة أبوه خال أبي حاتم وكانا كالأخوين ليس بينهما عداوة ولا شحناء ولا بغضاء، كما يكون بين الناس.

قال: وكان أبو حاتم أسن من أبي زرعة على ما بلغني بخمس سنين، وأبو زرعة مات قبل أبي حاتم بسنتين، وكان مسكنهما ومسجدهما في محلة واحدة في سكة حنظلة.

سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الخوارزمي ، يقول: عبد الرحمن بن أبي حاتم إمام ابن إمام، قد ولي بين إمامين، أبي حاتم ، وأبي زرعة إمامي هدى [ ص: 1235 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية