صفحة جزء
فصل

في ذكر جماعة من الأولياء والزهاد لم نقف على أسمائهم

524 - قال محمد بن المنكدر: إني لليلة مواجها هذا المنبر في جوف الليل أدعو، إذا إنسان عند أسطوانة مقنع رأسه ، فأسمعه يقول: أي رب إن القحط اشتد على عبادك وإني أقسم عليك يا رب إلا أسقيتهم، فما كان إلا ساعة إذا سحابة قد أقبلت ثم أرسل المطر.

وكان عزيزا على ابن المنكدر أن [ ص: 1263 ] يخفى عليه أحد من أهل الخير، فقال: هذا بالمدينة وأنا لا أعرفه فلما سلم الإمام تقنع وانصرف، فاتبعه ولم يجلس للقاص حتى أتى دار أنس فدخل موضعا وأخرج مفتاحا ففتح ثم دخل، قال: ورجعت فلما سبحت أتيته فإذا أنا أسمع نجرا في بيته فسلمت ثم قلت: أدخل؟ فقال: ادخل فإذا هو ينجر أقداحا يعملها، فقلت: كيف أصبحت أصلحك الله؟ فأعظمها مني فلما رأيت ذلك، قلت: إني سمعت إقسامك البارحة على الله يا أخي، هل لك في نفقة تغنيك عن هذا وتفرغك لما تريد من الآخرة؟ فقال: لا، ولكن غير ذلك لا تذكرني لأحد، ولا تذكر هذا لأحد حتى أموت ولا تأتني يا ابن المنكدر فإنك إن تأتني شهرتني للناس، فقلت: إني أحب أن ألقاك، قال: القني في المسجد، وكان فارسيا، قال: فما ذكر ذلك ابن المنكدر حتى مات الرجل.

قال ابن وهب: بلغني أنه انتقل من تلك الدار فلم ير ولم يدر أين ذهب فقال أهل الدار: الله بيننا وبين ابن المنكدر ، أخرج عنا الرجل الصالح.

التالي السابق


الخدمات العلمية