صفحة جزء
قوله عز وجل : لتبلون في أموالكم وأنفسكم .

1242 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج : لتبلون في أموالكم وأنفسكم ، قال : يوصي المؤمن[ين] أنه سيبتليهم ، فينظر كيف صبرهم على دينهم .

قوله جل وعز : ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إلى قوله : أذى كثيرا .

1243 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني عروة بن الزبير : أن أسامة بن زيد ، أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب على حمار ، على إكاف ، على قطيفة من تحته ، وأردف أسامة بن زيد وراءه ، يعود سعد بن عبادة ، في بني الحارث بن الخزرج ، قبل وقعة بدر ، حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول; وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي ، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين ، وعبدة الأوثان ، واليهود . [ ص: 522 ] وفي المسلمين عبد الله بن رواحة ، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة ، خمر ابن أبي أنفه بردائه ، ثم قال : لا تغبروا علينا ! فسلم النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم . ثم وقف النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعاهم إلى الله ، وقرأ عليهم القرآن .

فقال عبد الله بن أبي : أيها المرء ! إنه لأحسن مما تقول ، إن كان حقا ، فلا تؤذينا به في مجالسنا ، ارجع إلى رحلك ، فمن جاءك فاقصص عليه .

قال عبد الله بن رواحة : بلى ، يا رسول الله ، فاغشنا به في مجالسنا ، فإنا نحب ذلك ! فاستب المسلمون والمشركون واليهود ، حتى كادوا يتثاورون ، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا ! ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته ، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا سعد ، ألم تسمع ما قال أبو حباب ؟ ! -يريد : عبد الله بن أبي- قال : كذا ، وكذا ! قال سعد : يا رسول الله ، اعف عنه واصفح ، فوالذي أنزل الكتاب ، لقد جاءك الله بالحق الذي أنزل عليك ، ولقد اصطلح [أهل] هذه الحرة على [ ص: 523 ] أن يتوجوه ، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله ، شرق بذلك ، فذلك فعل به ما رأيت ! فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين ، وأهل الكتاب ، كما أمرهم الله ، ويصبرون على الأذى ، قال الله جل وعز :
ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ، قال الله جل وعز : ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا إلى : إن الله على كل شيء قدير وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول في العفو ما أمره الله به ، حتى أذن الله فيهم ، فلما غزا النبي صلى الله عليه وسلم بدرا ، فقتل الله من صناديد كفار قريش ، قال أبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان : هذا أمر قد توجه ، فتتابعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا
.

1244 - حدثنا النجار ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، في قوله : ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ، قال : هو [ ص: 524 ] كعب بن الأشرف ، وكان يحرض المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، في شعره ، ويهجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فانطلق إليه خمسة نفر من الأنصار فيهم محمد بن مسلمة ورجل يقال له : أبو عبس بن جير ، فأتوه وهو في مجلس قومه بالعوالي ، فلما رآهم ذعر منهم ، وأنكر شأنهم ! قالوا : جئناك لحاجة . قال : فليأذن لي بعضكم فليحدثني ، فجاءه رجل منهم ، فقال : جئناك لنبيعك أدراعنا ، لنستنفق بها . قال : والله لئن فعلتم لقد جهدتم منذ نزل بكم هذا الرجل ، فواعدوه أن يأتوه عشاء ، حين يهدأ عنه الناس ، فأتوه ، فنادوا ، فقالت امرأته : ما طرقك هؤلاء ساعتهم هذه لشيء مما تحب ! قال : إنهم قد حدثوني بحديثهم ، وشأنهم .

1245 - قال معمر : عن أيوب ، عن عكرمة : أنه أشرف عليهم ، فقال : ما ترهنونني ؟ أترهنونني أبناءكم ؟ وأرادوا أن يسلفهم تمرا ، فقالوا : إنا نستحيي أن يعير أبناؤنا ، فيقال : هذا رهينة وسق ، وهذا رهينة وسقين ! قال : أترهنونني نساءكم ؟ قالوا : أنت أجمل الناس ، ولا نأمنك ، وأي امرأة تمتنع منك بجمالك ؟ ولكنا نرهنك سلاحنا ، فقد علمت حاجتنا إلى السلاح اليوم . قال : نعم ، ائتوني بسلاحكم ، واحتملوا ما شئتم [ ص: 525 ] .

قالوا : فانزل إلينا نأخذ عليك ، وتأخذ علينا ، فذهب ينزل ، فتعلقت به امرأته ، فقالت : أرسل إلى أمثالهم من قومك ، يكونوا معك . قال : لو وجدوني هؤلاء نائما ما أيقظوني ! قالت : فكلمهم من فوق -إشفاقا عليه- فنزل عليهم يفوح ريحه ، فقالوا : ما هذا الريح يا أبا فلان ؟ قال : هذا عطر أم فلان ، فدنا إليه بعضهم ، فشم ريحه ، ثم اعتنقه ، ثم قال : اقتلوا عدو الله ! وطعنه أبو عبس في خاصرته ، وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف ، فقتلوه ، ثم رجعوا .

فأصبحت اليهود مذعورين ، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : قتل سيدنا غيلة ، فذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم صنيعه ، وما كان يخبر عليهم ، ويحرض في قتالهم ، ويؤذيهم ، ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب بينه وبينهم صلحا ، وكان ذلك الصلح مع علي ، بعد
.

1246 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج : ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا ، قال : يعني اليهود والنصارى ، فكان المسلمون يسمعون من اليهود قولهم : عزير ابن الله ، ومن النصارى : المسيح ابن الله ، وكان المسلمون ينصبون لهم الحرب ، ويسمعون إشراكهم بالله [ ص: 526 ] .

قوله جل وعز : وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور .

1247 - حدثنا علي بن المبارك ، قال : حدثنا زيد ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن ابن جريج : وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور قال : من القوة ، مما عزم الله عليه وأمركم به .

التالي السابق


الخدمات العلمية