صفحة جزء
وقد تنازع العلماء أيضا في الآية الرابعة عشرة.

[ ص: 525 ] باب ذكر الآية الرابعة عشرة.

قال جل وعز الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .

83 - قال أبو جعفر: ، حدثنا محمد بن جعفر الأنباري ، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب ، وعبد الله بن يحيى ، قالا: حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال: قلت لعطاء: قول الله جل وعز الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص قال: "هذا يوم الحديبية صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت الحرام وكان معتمرا فدخل في السنة التي بعدها معتمرا مكة فعمرة في الشهر الحرام بعمرة في الشهر الحرام".

[ ص: 526 ] 84 - وقال مجاهد: فخرت قريش بردها رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما في ذي القعدة فاعتمر في السنة الثانية في ذي القعدة.

قال أبو جعفر: التقدير عمرة الشهر الحرام بعمرة الشهر الحرام، والشهر الحرام هاهنا ذو القعدة بلا اختلاف وسمي ذا القعدة لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة فمنعوه من مكة.

85 - قال ابن عباس: " فرجعه الله تبارك وتعالى في السنة الأخرى فأقصه منهم والحرمات قصاص " 86 - وروي عن ابن عباس ، أنه قال: والحرمات قصاص "منسوخة كان الله جل وعز قد أطلق للمسلمين إذا اعتدى عليهم أحد أن يقتصوا منه فنسخ الله جل وعز ذلك وصيره إلى السلطان فلا يجوز لأحد أن يقتص من أحد إلا بأمر السلطان ولا أن يقطع يد سارق ولا غير ذلك".

[ ص: 527 ] وأما مجاهد فذهب إلى أن "المعنى فمن اعتدى عليكم فيه أي في الحرم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" والذي قاله مجاهد أشبه بسياق الكلام؛ لأن قبله ذكر الحرم وهو متصل به إلا أنه منسوخ عند أكثر العلماء وقد أجمع المسلمون أن المشركين أو الخوارج لو غلبوا على الحرم لقوتلوا حتى يخرجوا منه.

فإن قيل فما معنى الحديث:

87 - "أحلت لي ساعة وهي حرام بحرمة الله جل وعز".

[ ص: 528 ] فالجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها غير محرم يوم الفتح ولا يحل هذا لأحد بعده إذا لم يكن من أهل الحرم فأما والحرمات فإنما جمع والله أعلم؛ لأنه أريد به حرمة الإحرام وحرمة الشهر الحرام وحرمة البلد الحرام.

وأما فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فسمي [ ص: 529 ] الثاني اعتداء وإنما الاعتداء الأول ففيه جوابان أحدهما أنه مجاز على ازدواج الكلام سمي الثاني باسم الأول مثل وجزاء سيئة سيئة مثلها والجواب الآخر أنه حقيقة يكون من الشد والوثوب أي: من شد عليكم ووثب بالظلم فشدوا عليه وثبوا بالحق.

التالي السابق


الخدمات العلمية