صفحة جزء
ومما يصحف ويشكل شديدا قوله صلى الله عليه وسلم: "يقر الشيطان في أذن وليه " ويقز الشيطان قزة بالزاي المعجمة [ ص: 311 ] ولا يكادون يفرقون بينهما . فحدثنا عبد الملك بن نصر الدقاق وأخبرني عبد الله بن سيف ، قالا حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن ابن جريج ، عن ابن شهاب ، عن يحيى بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان ، فقال: ليسوا بشيء . فقال: إنهم يحدثون بأشياء تكون حقا!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك الكلمة من الحق" زاد ابن سيف في حديثه "يخطفها الجني ، فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة ، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة " قوله فيقرها: القاف مضمومة والراء غير معجمة ، ومعناه الصب . [ ص: 312 ] يقال: قرت الحمامة فرخها إذا صبت في حلقه . ويقال: قر عليه دلوا من ماء إذا صبها عليه .

وأما يقز بضم القاف وبالزاي المعجمة فقد روي في حديث لست أضمن عهدته: "إن إبليس ليقز القزة من المشرق إلى المغرب" أي يثب ، يقال: قز يقز ويقز إذا وثب . وحكى بعضهم: وقز يقز ، وقال يقال: وقز وضفر وقفز وأبز ونقز ونفز وقزل وضبر بالراء إذا وثب .

قال أبو أحمد الحسن بن عبد الله اللغوي العسكري . وأما حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه ، حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يفزك من أن يقال لا إله إلا الله " فهو بالفاء والياء مضمومة ؛ ومن لا يضبطه يرويه: "ما يفرك أن يقال لا إله إلا الله" فيفتح الياء من يفرك وهو خطأ . قال أبو عبيد : إن بعض المحدثين روى أن النبي صلى الله عليه [ ص: 313 ] وسلم قال: "ما يفرك" بفتح الياء وضم الفاء ، وهذا تصحيف وقلب المعنى ، والصواب يفزك بضمها . يقال أفززت الرجل إذا فعلت ما يفز منه .

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "ما كان الله لينفر عن قاتل المؤمن " فإنه بزيادة نون ساكنة ، والياء مضمومة والفاء مكسورة والراء غير معجمة ، ومعناه: ما كان الله ليقلع . وقال الشاعر :

[ ص: 314 ]

وما أنا عن أعداء قومي بمنفر



وسئل أبو عمرو عن قوله "لينفر" فقال: لا أعرفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية