صفحة جزء
ومما يصحف: قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : "إني أخاف عليك شقاشقه " بالشين المعجمة والقاف وإنما هو [ ص: 381 ] . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . [ ص: 382 ] سفاسقه بالسين غير المعجمة والفاء ، فممن رواه لنا ولم يضبطه ، ما حدثناه الحسن بن محمد بن شعبة الأنصاري ، حدثنا يحيى بن حكيم المقوم ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني عطاء ، أخبرني عبد الرحمن بن عاصم الثقفي ، عن فاطمة بنت قيس أنها قالت: "خطبها أبو الجهم ، ومعاوية ، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمره ، فقال: "أما أبو الجهم فإني أخشى شقاشقه ، يعني العصا ، وأما معاوية فمملق من المال ، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك " . هكذا يرويه أكثر أصحاب الحديث وهو وهم لأنه لا يوافق معنى ما في الحديث ، لأنه روي أنه كان يضرب نساءه ، فقال لها: أخاف عليك من عصاه ، فإن كان هكذا فهي سفاسقه ، والشقاشق لا تكون للعصا ، وإنما هو سفاسقه ، السينان جميعا غير معجمتين وبعد السين الأول فاء وبعد السين الآخر قاف ، وهي: سفاسق العصا والسيف ، الواحدة سفسقة ، وهي شطبة كأنها عود في متنه ممدود كالخيط ، وقال بعضهم: بل هو ما بين الشطبتين على صفحة السيف طولا ، قال امرؤ القيس في سفاسق السيف :


أقمت بعضب ذي سفاسق ميله



وأما الشقاشق بالشين المعجمة فواحدها شقشقة ، وهي [ ص: 383 ] ما يخرجه البعير من فيه ، إذا هاج وهدر ، وقال الشاعر :


أقطع من شقشقة الهادر



وسمي الرجال الخطباء شقاشق من هذا ، وفي كلام لفاطمة رضي الله عنها: ونطق زعيم الدين وخرس شقاشق الشيطان ، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم خاف عليها لسانه لكان هذا مستقيما وإن كان خاف عليها عصاه وضربه فهو سفاسق ، وقد قال في الحديث الذي رويناه أنه يعني العصا ، وفي حديث آخر "أن أبا الجهم لا يرفع عصاه عن أهله " .

ومن الألفاظ التي تشكل ويدخل بعضها في بعض قولهم: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يدلع لسانه للحسن بن علي رضي الله عنهما" حدثني علي بن سعدان بن نصر ، حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن [ ص: 384 ] أبي سلمة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدلع لسانه للحسن بن علي ، فإذا رأى الصبي حمرة اللسان بهش إليه " . قوله يدلع لسانه الياء مضمومة واللام مكسورة ، يقال أدلع لسانه ، ودلع لسانه ، وبهش إليه: أي نظر إليه وأعجبه ، واشتهاه ، فتناوله [بسرعة ] وأسرع إليه .

وفي حديث آخر يشكل كثيرا أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يصلي حتى تزلع قدماه " بالزاي المنقوطة ، يقال تزلعت رجله إذا تشققت ، والتزلع: الشقاق ، وأنشدنا الأخفش:

[ ص: 385 ]

ثعالب موتى جلدها قد تزلعا



وأما الحديث الآخر عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب غضبا شديدا حتى خلت أن أنفه يتمزع " رووه بالزاي المعجمة ، والعين غير معجمة ، فقال أبو عبيد: إن قولهم يتمزع ليس بشيء ، وأحسبه: يترمع ، الراء والعين [ ص: 386 ] غير معجمتين ، وهو أن تراه [كأنه ] يرعد من شدة الغضب .

التالي السابق


الخدمات العلمية