صفحة جزء
ومما يصحف فيه قوله صلى الله عليه وسلم: "إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله" يروونه بالراء مرة وبالعين غير المعجمة والنون ، وإنما هو بالغين المنقوطة والنون ، حدثنا أبو القاسم بن منيع حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أبي بردة عن الأغر المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليغان على قلبي ، فأستغفر الله في اليوم مرارا" .

[ ص: 159 ] وأخبرني أحمد بن محمد بن بكر ، حدثنا الرياشي ، قال سأل رجل الأصمعي عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله" ، فقال الأصمعي: كان يكره من تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يكره من تفسير القرآن: وأن العرب تقول: إن الغين والرين السحاب الرقيق الذي دون السحاب .

وأخبرنا أبو عبد الله نفطويه ، أنبأنا أحمد بن يحيى ، عن ابن الأعرابي قال: يغان على قلبي مثل يران أي يغطى ، ويغام مثله ، وهو من الغيم في السحاب الرقيق ، يقال: غامت السماء وغانت .

وأخبرني الحسن بن علي ، عن نصر ، عن أبي عبيد في قوله: يغان على قلبي ، يعني: يتغشى القلب ما يلبسه . وقال غيره: كأنه يعني السهو ، وكذلك كل شيء يغشي شيئا حتى يلبسه فقد غين عليه ، يقال: غينت السماء غينا وأنشد :

[ ص: 160 ]

كأنا بين خافيتي عقاب أصاب حمامة في يوم غين



وقيل في معنى الحديث: إنه صلى الله عليه وسلم أراد ما يغشاه من أمور الدنيا ، ما يشغل قلبه عن ذكر الله عز وجل ، فيستغفر الله تعالى من تركه التشاغل في جميع أوقاته إلا بالآخرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية