صفحة جزء
ومما يصحف فيه كثيرا: ما حدثنا به أبو الليث نصر بن القاسم الفرائضي ، حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا فضالة بن حسين ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال: لقد أتى علينا زمان ، وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم ، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا تبايع الناس بالعينة" ومن لا يعلم يصحفه [ ص: 192 ] فيقول: إذا تتابع الناس بالغيبة ، فيصحف في موضعين ، ويحيل المعنى إلى معنى آخر ؛ والصحيح: تبايع تحت الياء التي تلي العين نقطتان من المبايعة ، والعينة: العين غير معجمة مكسورة ، يريد السلف ، ولا معنى للغيبة والتتابع ههنا .

وقريب من هذا: ما يصحف في حديث آخر روته أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما يحملكم على أن تتايعوا في الكذب كما تتايع الفراش في النار" . قوله: تتايعوا ، أول الكلمة تاءان منقوطة فوقهما ، والثانية مشددة ؛ ويجوز تخفيفها ، وبعد الألف ياء تحتها نقطتان ، ومن [ ص: 193 ] لا يضبط يرويه: تتابعوا ، فيجعل بعد الألف باء تحتها نقطة . وفي حديث آخر أنه قال صلى الله عليه وسلم: "إني ممسك بحجزكم عن النار ، وتغالبوني ، فتتايعون تتايع الفراش في النار" وهذا –أيضا- مثل الأول: بعد الألف ياء تحتها نقطتان ، وليس يضبط أمثال هذا إلا المتحفظ المتحرز ، والتتايع: التهافت في الشيء ، والمسارعة فيه ، قال الشاعر:


وجاءت تتايع فرسانها كما أتعب السابقون الحسيرا



وقال آخر :


كما تتايع الريح بالقفل



وقال أبو عبيد: يقال: في التتايع: إنه في اللجاج ، وهو يرجع إلى هذا المعنى ولم نسمعه في الخير ، وإنما سمعناه في الشر .

أخبرنا نفطويه ، أنبأنا أحمد بن يحيى ، عن محمد بن سلام قال: قال أبو عمرو: التتابع بالباء في الخير ، والتتايع بالياء في الشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية