صفحة جزء
ومما يروى على وجهين أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: "لم يرح رائحة الجنة " و(لم يرح) بالفتح والضم ، جميعا صحيح ، وقال أبو عمرو ، يقال: (رحت الشيء فأنا أريحه إذا وجدت ريحه) وقال الكسائي ، هو: من راح الرجل ريح الروضة وأراحها ، إذا وجد ريحها ، وقال الأصمعي: لا أدري هو من رحت أو أرحت ؟ وقال أبو عبيد: وأنا أحسبه [ ص: 205 ] من غير هذه الثلاثة ، إنه لم يرح بفتح الراء ، وأنشد لأبي كبير:


كمشي السبنتى يراح الشفيفا



قال: فهذا بين أنه من رحت أراح ، قال: وحدثني ابن علية: لم يرح ، وغيره لم يرح .

ومما يجوز فيه الوجهان - وقد رويا جميعا ما حدثنا به أبو بكر بن دريد ، حدثنا الرياشي ، حدثنا الأصمعي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الواحد بن أبي عون ، عن القاسم ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم ، وارتدت العرب واشرأب النفاق ، ونزل [ ص: 206 ] بأبي ما لو نزل بالراسيات لهاضها ، فما اختلفوا في نقطة ، إلا طار أبي بحظها وسنائها . ثم ذكرت عمر رضي الله عنه ، فقالت: كان أحوزيا نسيج وحده ، قد أعد للأمور أقرانها . أحوزيا: بالزاي ، وأحوذيا: بالذال: فأما بالزاي ، فهو السابق الحسن السباق ، والأحوذي بالذال: المشمر في الأمور ، القاهر لها ، ويقال: معناهما: الخفيف ، وأنشدنا ابن دريد:


يحوذهن وله حوزي     كما يحوذ الفئة الكمي



يروى البيت بالذال والزاي جميعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية