صفحة جزء
ووجدت بخط عسل بن ذكوان ولا إسناد لي فيه ، حكاه عن أبي [علي ] الحسن بن يحيى قال [قال علي بن المديني أخبرني المعيطي ] قال جاء الشاذكوني إلى عبدة بن سليمان ، فقال: كيف حديث بدنة ؟ يريد ندبة مولى ابن عباس رضي الله عنهما .

[ ص: 52 ]

قال علي: وحدث عبد الله بن داود يعني الخريبي بحديث فيه "لا تباع الثمرة حتى تسفح" فسألت أبا عبيدة فلم يعرفها ، فلما قدم وكيع ، حدثنا فقال: حتى تشقح ، فلقيت ابن داود فأخبرته فقال: متعت بك أنا أرجع إلى الحق كما هو عند الناس .

قلت أنا: التشقيح تلوين البسر إذا اصفر واحمر ، ويقال: شقحت النخلة تشقح تشقيحا ، وقالوا أشقح إشقاحا إذا تغير البسر للاصفرار بعد الاخضرار ، وهو أقبح ما يكون في ذلك الوقت ، ولذلك قالوا: قبيح شقيح . وقرأت على أبي بكر الأعرابي في ابنه:


أقبح به من ولد وأشقح مثل جري الكلب ، لا بل أقبح



وقد فسر هذا في الحديث المروي ، حدثنا به عبد الله بن [ ص: 53 ] حمدان المصاحفي بتستر ، حدثنا يعقوب بن إسحاق ، حدثنا عفان ، حدثنا سليم بن حيان ، عن سعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى تشقح" [قلت لجابر ما تشقح ] ؟ قال تصفر وتحمر ، ويؤكل منها .

أخبرنا أحمد بن محمد الهزاني ، حدثنا أحمد بن روح الأهوازي ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل مجزز المدلجي على رسول الله [ ص: 54 ] صلى الله عليه وسلم ، فرأى أسامة ، وزيدا عليهما قطيفة قد غطت رءوسهما وبدت أقدامهما ، فقال: "إن هذه الأقدام بعضها من بعض" قالت: فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم مسرورا ، قال ابن جريج هو محرز ، فقال له سفيان بل هو مجزز ، فخجل ورجع .

أخبرنا محمد بن يحيى ، حدثنا علي بن الصباح الشيرازي ، [ ص: 55 ] حدثنا أبو محلم -قال الشيخ: هو أحمد بن هشام السعدي- قال: حدثني من سمع شعبة يقول: حدثنا محمد بن المنكدر قال: أهدى سعيد بن العاص هدايا لأهل المدينة ، وقال لرسوله: لا تعتذرن إلا عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقل له ما فضلت عليك واحدا في الهدية إلا أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فقال علي رضي عنه لما قال له الرسول ذلك: لشد ما نفست علي أمية وضايقتني ، والله لئن وليتها لأنفضنها نفض القصاب التراب الوذمة . قال [ ص: 56 ] فقال الأصمعي: الثراب -بالثاء المعجمة بثلاث- فقال شعبة: ما سمعت إلا التراب بالتاء ، فتحاكما إلى أبي عمرو ، فحكم كما قال شعبة: قال أبو محلم: الصواب ما قال شعبة ، وحكم به أبو عمرو .

وأخبرنا به عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، عن أبي ذكوان ، عن التوزي ، عن الأصمعي مثله ، وقال التوزي: صحف الأصمعي وأصاب شعبة ، والتراب: الكروش ، يقال: هذه كروش تربة والوذمة ذوات زوايد ، شبهت بوذام الدلو وأنشد:


قد صدرت مترعة وذامها



هذا مذهب أبي عبيد فيه . وقال أبو سعيد [ ص: 57 ] المكفوف فيما رد على أبي عبيد وقال حكاية عنه وفسر التراب الوذمة [ ص: 58 ] هي الحزة من الكروش أو الكبد ، والتربة التي قد سقطت في التراب فتتربت ، ثم قال أبو سعيد والصحيح عندنا غير ما ذكر ، وإنما سميت الكروش التربة لأنها يحمل فيها التراب من المربع ، والوذمة التي قد أخمل باطنها بخملة وهي زئبرها ، وكل كرش وذمة لأنها مخملة . فيقول: لئن وليتهم لأطهرنهم مما هم فيه من الدنس ، ولأطيبنهم بعد الخبث ، وسمعت أبا بكر بن دريد يرد هذا كله ويقول: إن قولهم التراب الوذمة [مقلوب ] خطأ ، وإن أصحاب الحديث قلبوه ، وإنما هو الوذام التربة ، [ ص: 59 ] قال: وأصله أن كل سير قددته مستطيلا فهو وذم ، وكذلك اللحم والكروش وما أشبهه . وهذا أراد .

وأخبرنا أبو عبد الله نفطويه حدثنا محمد بن يونس ، عن العتبي قال: سمعت أعرابيا يقول: اللهم لك الحمد على سكون الليل ، وحركة النهار ، وتسبيح العروق ، قال أبو عبد الله نفطويه: هكذا قال المحدث: تسبيح العروق ، وإنما هو تسبيخ العروق بالخاء المعجمة ، يعني سكونها ، أي ليس فيها ضربان يؤلم ، ويقال: "سبخوا عنكم في الظهيرة" أي سكنوا .

وحدثنا أبو جعفر بن زهير ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا [ ص: 60 ] عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سمعها تدعو على سارق سرقها ، فقال: "لا تسبخي عنه" قلت أنا: معناه لا تخففي عنه بدعائك عليه ، وهو مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "من دعا على من ظلمه فقد انتصر" ويقال: [ ص: 61 ] سبخ الله عنك الأذى أي خففه وكشفه ، ولهذا قيل لقطع القطن إذا ندفت سبائخ . قال الأخطل:


فأرسلوهن يذرين التراب كما     يذري سبائخ قطن ندف أوتار



ووجدت هذا الحديث في كتاب عبدان القاضي في مسند عائشة رضي الله عنها رواه عن سهل بن بحر ، عن محمد بن الصباح ، عن هشيم ، عن حجاج ، عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبخي عنه حتى توفين أجرك يوم القيامة" وهذا خطأ وليس بشيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية