فمما يحتاج إليه طالب الحديث في زماننا هذا؛ أن يبحث عن أحوال المحدث أولا، هل يعتقد الشريعة في التوحيد، وهل يلزم نفسه [ ص: 133 ] طاعة الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم فيما أوحي إليهم، ووضعوا من الشرع، ثم يتأمل حاله؛ هل هو صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، فإن
الداعي إلى البدعة لا يكتب عنه ولا كرامة، لإجماع جماعة من أئمة المسلمين على تركه.
ثم يتعرف سنه هل يحتمل سماعه من شيوخه الذين يحدث عنهم، فقد رأينا من المشايخ جماعة أخبروا بسن يقصر عن لقاء شيوخ، حدثوا عنهم.
[ ص: 134 ] ثم يتأمل أصوله، أعتيقة هي أم جديدة؟ فقد نبغ في عصرنا هذا جماعة يشترون الكتب فيحدثون بها، وجماعة يكتبون سماعاتهم بخطوطهم في كتب عتيقة في الوقت، فيحدثون بها، فمن سمع منهم من غير أهل الصنعة فمعذور بجهله، فأما أهل الصنعة إذا سمعوا من أمثال هؤلاء بعد الخبرة، ففيه جرحهم وإسقاطهم إلى أن تظهر توبتهم، على أن الجاهل بالصنعة لا يعذر، فإنه يلزمه السؤال عما لا يعرفه، وعلى ذلك كان السلف رضي الله عنهم.
[ ص: 135 ]