وبعث أبو بكر بعد قفوله من الحج الجنود إلى الشام فبعث عمرو [ ص: 184 ] ابن العاص إلى فلسطين ، فأخذ طريق المعرقة على
أيلة ، وبعث
يزيد بن أبي سفيان ، وأبا عبيدة بن الجراح ، وشرحبيل ابن حسنة إلى
الشام ، وأمرهم أن يسلكوا التبوكية على البلقاء من
علياء الشام ، وبعث
خالد بن سعيد بن العاص على ربع من الأرباع ، فلم يزل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=1بأبي بكر حتى عزله وأمر مكانه
ابن أبي سفيان ، وخرج
أبو بكر مع
يزيد بن أبي سفيان يوصيه
ويزيد راكب ، قال : أيها الأمير ، إما أن تركب ، وإما أن أنزل ، فقال : ما أنت بنازل ، ولا أنا براكب أليست خطاي هذه في سبيل الله! ثم قال : يا يزيد ، إنكم ستقدمون بلادا ، فإذا أكلتم الطعام فسموا الله على أولها ، واحمدوه على آخرها ، وستجدون قوما حبسوا أنفسهم في الصوامع ، فدعوهم وما حبسوا أنفسهم ، وستجدون أقواما قد اتخذ الشيطان على رؤوسهم مقاعد - يعني الشمامسة - فاضربوا تلك الأعناق ، ولا تقتلن كبيرا هرما ، ولا امرأة ، ولا وليدا ، ولا تعقرن بهيمة إلا لنفع ، ولا تخربن عمرانا ، ولا تقطعن بحرا إلا لنفع ، ولا تغل
[ ص: 185 ] ، ولا تغدر ، ولا تخن ،
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز أقرئك السلام ، وأستودعك الله . ثم انصرف
أبو بكر ، ومضى
يزيد بن أبي سفيان ، وتبعه
شرحبيل ابن حسنة ، وأبو عبيدة بن الجراح ، فردا فردا ، ونزل
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص في قصره بغمر العربات ، ونزل
الروم بثنية جلق ، بأعلى
فلسطين في سبعين ألفا عليهم تذارق أخو
هرقل لأبيه وأمه ، فكتب
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص إلى
أبي بكر يذكر له أمر
الروم ويستمده ، فكتب
أبو بكر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، وهو يأمره أن يمد
أهل الشام فيمن معه من أهل القوة ، ويستخلف على ضعفة الناس رجلا منهم ، فلما أتاه كتاب أبي بكر قال خالد : هذا عمل الأعيسر بن أم شملة - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - حسدني أن يكون فتح
العراق على يدي ، فسار خالد بأهل القوة من الناس ، ورد الضعفاء والنساء إلى
المدينة ، وأمر عليهم
عمير بن سعد الأنصاري ، واستخلف على من أسلم
بالعراق من
ربيعة [ ص: 186 ] وغيرهم
المثنى بن حارثة الشيباني ، فلما بلغ
خالد بمن معه عين التمر أغار على أهلها ، فأصاب منهم ، ورابط حصنا بها فيه مقاتلة
لكسرى ، حتى استنزلهم وضرب أعناقهم ، وسبى منهم سبايا كثيرة ، وكان من تلك السبايا
أبو عمرة والد عبد الأعلى بن أبي عمرة ، ويسار جد محمد بن إسحاق ، وحمران بن أبان مولى عثمان ، وأبو عبيد مولى المعلى ، وخير مولى أبي داود الأنصاري ، وأبو عبد الله مولى زهرة . فأراد
خالد المسير ، والتمس دليلا فدل على
رافع بن عميرة الطائي ، فقال له خالد : انطلق بالناس ، فقال له
رافع : إنك لا تطيق ذلك بالجنود والأثقال ، والله إن الراكب المفرد ليخافها على نفسه وما يسلكها إلا مغررا ، إنها لخمس ليال جياد ، ولا يصاب فيها ماء مع مضلتها ، قال له
خالد : ويحك ألا بد لي منها ؟ إنه قد أتاني من الأمير عزمة بذلك ، فمر بأمرك ، فقال رافع : استكثروا من الماء من استطاع منكم أن يصر أذن ناقته على ماء فليفعل ، فإنها المهالك إلا ما دفع الله ، فتأهب المسلمون وسار خالد بمن معه ، فلما بلغوا آخر يوم
[ ص: 187 ] من المفازة قال
خالد لرافع بن عميرة : ويحك يا رافع ، ما عندك ؟ قال : أدركت الري إن شاء الله ، فلما دنا من العلمين ، قال رافع للناس : انظروا هل ترون شجيرة من عوسج كقعدة الرجل ، فلم يروا شيئا ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هلكتم والله إذا وهلكت ، انظروا فاطلبوها ، فطلبوا فوجدوها قد قطعت وبقي منها بقية ، فلما رآها المسلمون كبروا وكبر
رافع بن عميرة ، ثم قال : احفروا في أصلها ، فحفروا فاستخرجوا عينا ، فشربوا حتى روي الناس ، ثم اتصل بعد ذلك لخالد المنازل فقال رافع : فوالله ما وردت هذا الماء قط إلا مرة واحدة ، وردتها مع أبي وأنا غلام ، فلما بلغ لخالد والمسلمون إلى سوى أغار على أهله وهم بهراء قبيل الصبح ، وإذا جماعة منهم يشربون الخمر في جفنة لهم قد اجتمعوا عليها ، ومغنيهم يقول :
ألا عللاني قبل جيش أبي بكر لعل منايانا قريب ولا ندري
فقتلهم
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، وقتل مغنيهم ، وسال دمه في تلك الجفنة .
ثم سار
خالد حتى أغار على
غسان بمرج راهط ، حتى نزل على قناة بصرى وعليها
[ ص: 188 ] nindex.php?page=showalam&ids=5أبو عبيدة بن الجراح ،
وشرحبيل ابن حسنة ، ويزيد بن أبي سفيان ، وخرج
خالد بن سعيد بن العاص بمرج الصفر في يوم مطير يستمطر فيه ، فتعاوى عليه أعلاج
الروم فقتلوه ، واجتمع
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ،
وشرحبيل ابن حسنة ،
ويزيد بن أبي سفيان معهم حتى صالحته بصرى على الجزية ، وفتحها الله للمسلمين ، فكانت تلك أول مدينة فتحت
بالشام ، ثم ساروا جميعا إلى
فلسطين مددا
nindex.php?page=showalam&ids=59لعمرو بن العاص ،
وعمرو مقيم بالعربات من
غور فلسطين ، وسمع
الروم باجتماع المسلمين
nindex.php?page=showalam&ids=59لعمرو بن العاص ، فانكشفوا عن جلق إلى
أجنادين ،
وأجنادين بلد بين
الرملة وبيت جبرين من أرض
فلسطين ، وسار المسلمون إلى
أجنادين ، وكان الأمراء أربعة والناس أرباعا إلا
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص كان يزعم أنه جميعهم . . . .
فلما اجتمعت العساكر وتدانت ، بعث صاحب
الروم رجلا عربيا ليأتي بخبر المسلمين ، فخرج الرجل ودخل مع المسلمين
[ ص: 189 ] وأقام فيهم يوما وليلة لا ينكر ، ثم أتى
الروم فقالوا له : ما وراءك ؟ فقال : أما بالليل فرهبان ، وأما بالنهار ففرسان ، ولو سرق ابن ملكهم قطعوا يده ، ولو زنى رجموه ، لإقامة الحق فيهم .
ثم تزاحف الناس فاقتتلوا قتالا شديدا ، فقال صاحبهم لهم : لفوا رأسي في ثوب ، قالوا له : ولم ؟ قال : يوم موقف البئيس لا أحب أن أراه ، ما رأيت في الدنيا أشد منه ، وكانت الهزيمة على
الروم ، فلقد قتل صاحبهم ، وإنه لملفف في ثوبه ، وكان لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ، فقتل
بأجنادين من المسلمين :
نعيم بن عبد الله النحام ، وهشام بن العاص بن وائل ، وعمرو بن عكرمة ، والطفيل بن عمرو الدوسي ، nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو حليف لهم ،
وجندب بن عمرو بن حممسة الدوسي ، وضرار بن [ ص: 190 ] الأزور ، وطليب بن عمرو بن وهب ، ومسلمة بن هشام بن المغيرة ، وهبار بن سفيان بن الأسود ، والحارث بن الحارث ، والحجاج بن الحارث ، وقيس بن صخر ، ونعيم بن عامر .