فلما دخلت السنة الثالثة والعشرون :
فتح معاوية عسقلان صلحا ، وقد قيل : إن الذي فتح في هذه السنة فتحها
nindex.php?page=showalam&ids=21402قرظة بن [ ص: 236 ] كعب الأنصاري لعمر ، ولا يصح عندي .
ثم كان غزوة أصطخر الأولى ، وذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص أقام
بتوج ، وتوفي
قتادة بن النعمان الظفري ، فصلى عليه
عمر ، ونزل حفرته أخوه لأمه
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري ، ومحمد بن مسلمة ، والحارث بن خزمة . ثم حج بالناس
عمر ، وأذن لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحججن معه ، فبينا هو بالأبطح إذ أقبل راكب يسأل عن
عمر فدل عليه ، فلما رآه بكى وجعل يقول :
جزى الله خيرا من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها
بوائج في أكمامها لم تفتق أبعد قتيل بالمدينة أظلمت
له الأرض تهتز العضاه بأسوق فمن يسع أو يركب جناحي نعامة
ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق فما كنت أخشى أن تكون وفاته
بكفي سبنتي أزرق العين مطرق
[ ص: 237 ] وكان
nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم يقول :
بينا أنا واقف مع عمر بعرفات إذ قال رجل : يا خليفة الله ، فقال رجل خلفي : قطع الله لحيتك ، والله لا يقف أمير المؤمنين بعد هذا العام أبدا ، قال جبير : فالتفت فإذا هو رجل من لهب ، ولهب بطن من الأزد ، وبينا نحن نرمي الجمار ، وإذا رمى إنسان فأصاب رأس عمر فشجه ، فقال رجل خلفي : قطع الله لحيتك ، ما أرى أمير المؤمنين إلا سيقتل ، قال جبير : فالتفت فإذا هو ذلك اللهبي ، ثم رجع عمر من مكة إلى المدينة وقام في الناس فقال : إني رأيت كأن ديكا أحمر نقرني نقرتين ، ولا أراه إلا لحضور أجلي ، ثم خرج يوما إلى السوق وهو متكئ على يد nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير ، إذ لقيه أبو لؤلؤة غلام nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة فقال لعمر : ألا تكلم مولاي أن يضع عني من خراجي ؟ قال : وكم خراجك ؟ قال : دينار ، قال : ما أفعل ، إنك لعامل وإن هذا لشيء يسير ، ثم قال له عمر : ألا تعمل لي رحى ؟ قال : بلى ، فلما ولى عمر قال أبو لؤلؤة : [ ص: 238 ] أعمل لك رحى يتحدث بها من بين المشرق والمغرب ، قال ابن الزبير : فوقع في قلبي قوله ذلك . فلما كان وقت النداء بالفجر خرج عمر إلى الصلاة ، وذلك يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة ، واضطجع له أبو لؤلؤة ، فقام عمر فجعل يقول بين الصفوف : فاستووا استووا ، فلما كبر طعنه أبو لؤلؤة ثلاث طعنات في وتينه ، فقال عمر : قتلني الخبيث ، ثم أخذ بيد عبد الرحمن فقدمه ، فصلى عبد الرحمن بالناس الصبح وقرأ إنا أعطيناك الكوثر و
إذا جاء نصر الله ثم دخل عبد الرحمن على
عمر وعنده
علي وعثمان وسعد nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس فقال : يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من قتلني ؟ قال :
أبو لؤلؤة ، قال
عمر : الحمد لله الذي لم يجعل موتي برجل يدعي الإسلام ، ثم سكت
عمر كالمطرق فقالوا : ألا ننبه للصلاة ! فقيل : الصلاة يا أمير المؤمنين ، فقال : نعم ، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، ثم صلى وجرحه يثعب دما ، ثم أقبل على
علي فقال : اتق الله يا
علي ، إن وليت من أمور الناس شيئا فلا تحملن
بني هاشم على رقاب الناس ، وأنت يا
عثمان إن وليت من أمور الناس شيئا فلا تحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ، وأنت يا
زبير ويا
سعد إن وليتما من أمر الناس فلا تحملن أقاربكما على رقاب الناس ، ثم قال : إني
[ ص: 239 ] نظرت في أمر الناس فلم أر عندهم شقاقا إلا أن يكون فيكم ، وإن الأمر إلى الستة نفر :
عثمان ، وعلي ، وعبد الرحمن ، وسعد ، وطلحة ، والزبير ، فتشاوروا ثلاثا ، وكان
طلحة غائبا في مال له ، فقال
عمر : إني مصرت لكم الأمصار ، ودونت لكم الدواوين ، وإني تركتكم على الواضحة ، إنما أتخوف أحد رجلين ، إما رجل يرى أنه أحق بالملك من صاحبه فيقاتله ، أو رجل يتأول القرآن على غير تأويله ، وإني قرأت في كتاب الله ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ) ألا ، فلا تهلكوا عن آية الرجم ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=908709فقد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا معه ، ولولا أن يقول الناس : زاد
عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي ، فقد قرأناها بكتاب الله .
ثم دعا بكتاب : " بسم الله الرحمن الرحيم من
عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى الخليفة من بعدي : سلام عليك ، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله وبالمهاجرين
الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم الآية ، فتعرف فضيلتهم وتقسم عليهم فيئهم ، وأوصيك بـ
والذين تبوءوا الدار والإيمان الآية ، فهؤلاء الأنصار تعرف فضلهم وتقسم عليهم فيئهم ، وأولئك
والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا الآية .
[ ص: 240 ] وخرج
أبو لؤلؤة على وجه يريد
البقيع ، وطعن في طريقه اثني عشر رجلا ، فخرج خلفه
عبيد الله بن عمر فرأى
أبا لؤلؤة والهرمزان وجفينة وكان نصرانيا وهم يتناجون
بالبقيع ، فسقط منهم خنجر له رأسان ونصابه في وسطه ، فقتل
عبيد الله أبا لؤلؤة والهرمزان وجفينة ثلاثتهم ، فجرى بين
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص وبين
عبيد الله في شأن
جفينة ملاحاة ، وكذلك بين
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب وبينه في شأن
الهرمزان حتى قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : إن وليت من هذا الأمر شيئا قتلت
عبيد الله بالهرمزان .
ثم أرسل
عمر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة يستأذنها في أن يدفن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=1وأبي بكر ، فأذنت له فقال
عمر : أنا أخشى أن يكون ذلك لمكان السلطان مني ، فإذا مت فاغسلوني فكفنوني ثم قفوا بي على بيت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وقولوا : أيلج
عمر ؟ فإن قالت : نعم ، فأدخلوني ، وإن أبت فادفنوني
بالبقيع . ثم أرسل
عمر فجيء بلبن ، فشربه فخرج من جرحه ، فعلم أنه الموت ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12لعبد الله بن عمر : انظر ما علي من الدين فاحسبه ، فقال : ستة وثمانون ألفا ، فقال : إن وفى لها مال آل عمر فأدها عني من أموالهم ،
[ ص: 241 ] وإلا فسل
بني عدي بن كعب ، فإن لم تف من أموالهم فسل قريشا ولا تعدهم إلى غيرهم وأدها عني .
فتوفي
عمر - رضي الله عنه - وله خمسة وستون سنة ، وفعل به ما أمر فأذنت له
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وصلى عليه
صهيب ، ودخل حفرته
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر ، وكانت الخلافة عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال . وكان له من العمال وقت ما توفي : على
الكوفة nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، وعلى
البصرة أبو موسى ، وعلى
حمص وأعمالها
عمير بن سعد الضمري ، وعلى دمشق
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان ، وعلى
صنعاء nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن منبه ، وعلى
الجند عبد الله بن أبي ربيعة ، وعلى
الطائف nindex.php?page=showalam&ids=19388سفيان بن عبد الله الثقفي ، وعلى
مكة nindex.php?page=showalam&ids=22344نافع بن عبد الحارث ، وعلى
مصر nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص - رحمهم الله تعالى أجمعين - آمين .