صفحة جزء
مقدمة المؤلف

[ ص: 1 ] بسم الله الرحمن الرحيم

قال أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الفقيه الحافظ الأندلسي رحمه الله : بحمد الله أبتدئ وإياه أستعين وأستهدي ، وهو ولي عصمتي من الزلل ، في القول والعمل ، وولي توفيقي ، لا شريك له ، ولا حول ولا قوة إلا به . الحمد لله رب العالمين ، جامع الأولين والآخرين ليوم الفصل والدين ، حمدا يوجب رضاه ، ويقتضي المزيد من فضله ونعماه ، وصلى الله على محمد نبي الرحمة ، وهادي الأمة ، وخاتم النبوة ، وعلى آله أجمعين وسلم تسليما .

أما بعد ، فإن أولى ما نظر فيه الطالب ، وعني به العالم - بعد كتاب الله عز وجل - سنن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهي المبينة لمراد الله عز وجل من مجملات كتابه ، والدالة على حدوده ، والمفسرة له ، والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله ، من اتبعها اهتدى ، ومن سلك غير سبيلها ضل وغوى ، وولاه الله ما تولى . ومن أوكد آلات السنن المعينة عليها ، والمؤدية إلى حفظها ، معرفة الذين نقلوها عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الناس كافة ، وحفظوها عليه ، وبلغوها عنه ، وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين ، حتى كمل بما نقلوه الدين ، وثبتت بهم حجة الله تعالى على المسلمين ، فهم خير القرون ، وخير أمة أخرجت للناس ، [ ص: 2 ] ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله عليه السلام ، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ، ولا تزكية أفضل من ذلك ، ولا تعديل أكمل منه . قال الله تعالى ذكره : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود الآية . فهذه صفة من بادر إلى تصديقه والإيمان به ، وآزره ونصره ، [ولصق به] وصحبه ، وليس كذلك جميع من رآه ولا جميع من آمن به ، وسترى منازلهم من الدين والإيمان ، وفضائل ذوي الفضل والتقدم منهم ، فالله قد فضل بعض النبيين على بعض ، وكذلك سائر المسلمين ، والحمد لله رب العالمين ، وقال عز وجل : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه . الآية .

التالي


الخدمات العلمية