صفحة جزء
160 - الأحنف بن قيس السعدي التميمي .

يكنى أبا بحر ، واسمه الضحاك بن قيس . وقيل : صخر بن قيس بن معاوية بن حصين بن عبادة بن النزال [ ص: 145 ] ابن مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ، وأمه من باهلة ، كان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن هنالك ذكرناه في الصحابة ، لأنه أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد ابن زهير ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس ، قال : بينا أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان رضي الله عنه إذ جاء رجل من بني ليث فأخذ بيدي ، فقال : ألا أبشرك؟ فقلت : بلى . قال : هل تذكر إذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومك بني سعد ، فجعلت أعرض عليهم الإسلام ، وأدعوهم إليه؟ فقلت أنت : إنه ليدعوكم إلى خير ، وما حسن إلا حسنا . فبلغت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر للأحنف . فقال الأحنف : هذا من أرجى عملي عندي . كان الأحنف أحد الجلة الحلماء الدهاة الحكماء العقلاء ، يعد في كبار التابعين بالبصرة .

وتوفي الأحنف بن قيس بالكوفة في إمارة مصعب بن الزبير سنة سبع وستين ، ومشى مصعب في جنازته .

قال أبو عمر رحمه الله : ذكرنا الأحنف بن قيس في كتابنا هذا على شرطنا أن نذكر كل من كان مسلما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته . ولم نذكر أكثم بن صيفي لأنه لم يصح إسلامه في حياة رسول الله [ ص: 146 ] صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكره أبو علي بن السكن في كتاب الصحابة فلم يصنع شيئا ، والحديث الذي ذكره له في ذلك هو أن قال : لما بلغ أكثم بن صيفي مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يأتيه فأبى قومه أن يدعوه قالوا : أنت كبيرنا لم تك لتخف عليه . قال : فليأت من يبلغه عني ويبلغني عنه قال : فانتدب له رجلان فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالا : نحن رسل أكثم بن صيفي ، وهو يسألك من أنت؟ وما أنت؟ وبم جئت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا محمد بن عبد الله ، وأنا عبد الله ورسوله ، ثم تلا عليهم هذه الآية : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر الآية . فأتيا أكثم فقالا : أبى أن يرفع نسبه ، فسألناه عن نسبه فوجدناه زاكي النسب واسطا في مضر ، وقد رمى إلينا بكلمات قد حفظناهن ، فلما سمعهن أكثم قال : أي قوم ، أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها ، فكونوا في هذا الأمر رؤساء ، ولا تكونوا فيه أذنابا ، وكونوا فيه أولا ، ولا تكونوا فيه آخرا ، فلم يلبث أن حضرته الوفاة ، فقال : أوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم ، فإنه لا يبلى عليهما أصل . وذكر الحديث إلى آخره .

قال ابن السكن : والحديث حدثناه يحيى بن محمد بن صاعد إملاء ، قال حدثنا الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر . قال : حدثنا عمر بن علي المقدمي عن علي بن عبد الملك بن عمير عن أبيه قال لما بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر الخبر على حسب ما أوردناه ، وليس في هذا الخبر شيء يدل على إسلامه ، بل فيه بيان واضح أنه إذ أتاه [ ص: 147 ] الرجلان اللذان بعثهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبراه بما قال لم يلبث أن مات ، ومثل هذا لا يجوز إدخاله في الصحابة وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية