صفحة جزء
3149 - أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري .

قال موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب : اسمه بشير بن عبد المنذر ، وكذلك قال ابن هشام وخليفة .

وقال أحمد بن زهير : سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان : أبو لبابة اسمه رفاعة بن عبد المنذر . وقال ابن إسحاق : اسمه رفاعة بن المنذر بن زبير ابن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك ابن الأوس ، كان نقيبا ، شهد العقبة [وشهد ] بدرا . قال ابن إسحاق : وزعم قوم أن أبا لبابة بن عبد المنذر والحارث بن حاطب خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فرجعهما ، وأمر أبا لبابة على المدينة ، وضرب له بسهمه مع أصحاب بدر . قال ابن هشام : ردهما من الروحاء .

قال أبو عمر : قد استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لبابة على المدينة أيضا حين خرج إلى غزوة السويق ، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا وما بعدها من المشاهد ، وكانت معه راية بني عمرو بن عوف في غزوة الفتح .

مات أبو لبابة في خلافة علي رضي الله عنهما . روى ابن وهب ، عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر - أن أبا لبابة ارتبط بسلسلة ربوض - والربوض الثقيلة - بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه ، فما يكاد يسمع ، وكاد أن يذهب بصره ، وكانت ابنته تحله إذا حضرت الصلاة ، أو أراد أن يذهب لحاجة ، وإذا [ ص: 1741 ] فرغ أعادته إلى الرباط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو جاءني لاستغفرت له . قال أبو عمر : اختلف في الحال التي أوجبت فعل أبي لبابة هذا بنفسه .

وأحسن ما قيل في ذلك ما رواه معمر عن الزهري ، قال : كان أبو لبابة ممن تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فربط نفسه بسارية ، وقال : والله لا أحل نفسي منها ، ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى يتوب الله علي أو أموت .

فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه ، ثم تاب الله عليه ، فقيل له : قد تاب الله عليك يا أبا لبابة ، فقال : والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني . قال : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحله بيده ، ثم قال أبو لبابة : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله ، قال : يجزئك يا أبا لبابة الثلث .
وروى عن ابن عباس من وجوه في قول الله تعالى : وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا . الآية . أنها نزلت في أبي لبابة ونفر معه سبعة أو ثمانية أو تسعة سواه ، تخلفوا عن غزوة تبوك ثم ندموا وتابوا وربطوا أنفسهم بالسواري ، فكان عملهم الصالح توبتهم و [عملهم ] السيئ تخلفهم عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال أبو عمر : قد قيل : إن الذنب الذي أتاه أبو لبابة كان إشارته إلى حلفائه من بني قريظة أنه الذبح إن نزلتم على حكم سعد بن معاذ ، وأشار إلى [ ص: 1742 ] حلقه ، فنزلت [فيه ] : يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم ثم تاب الله عليه فقال : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأنخلع من مالي . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجزئك من ذلك الثلث .

التالي السابق


الخدمات العلمية