صفحة جزء
3175 - أبو مسلم الخولاني ، العابد .

أدرك الجاهلية وأسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقدم المدينة حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر ، فهو معدود في كبار التابعين ، عداده في الشاميين . اسمه عبد الله بن ثوب . وقيل : عبد الله بن عوف ، والأول [أكثر ] وأشهر ، كان فاضلا ناسكا عابدا ، وله كرامات وفضائل .

روى عنه أبو إدريس الخولاني وجماعة من تابعي أهل الشام [ ص: 1758 ] .

ومن نوادر أخباره وكراماته ما حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد زهير ، قال حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، قال : أخبرنا شرحبيل بن مسلم الخولاني - أن الأسود بن قيس بن ذي الخمار تنبأ باليمن ، فبعث إلى أبي مسلم ، فلما جاءه قال [له : ] أتشهد أني رسول الله؟ قال : ما أسمع . قال : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال :

نعم . [قال : أتشهد أني رسول الله؟ قال : ما أسمع . قال : أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال : نعم ] . فردد ذلك عليه ، كل ذلك يقول له مثل ذلك .

قال : فأمر بنار عظيمة فأججت ، ثم ألقي فيها أبو مسلم ، فلم تضره شيئا [قال : ] فقيل له : انفه عنك ، وإلا أفسد عليك من اتبعك . قال : فأمره بالرحيل ، فأتى أبو مسلم المدينة ، وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف أبو بكر ، فأناخ أبو مسلم راحلته بباب المسجد [ودخل المسجد ] ، وقام يصلي إلى سارية ، فبصر به عمر بن الخطاب ، فقام إليه ، فقال : ممن الرجل؟ قال : من أهل اليمن ، قال : ما فعل الرجل الذي أحرقه الكذاب بالنار؟ قال : ذلك عبد الله بن ثوب .

قال : أنشدك بالله أنت هو؟ قال : اللهم نعم . قال : فاعتنقه عمر وبكى ، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين أبي بكر ، وقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الله عليه السلام .

قال إسماعيل بن عياش : فأنا أدركت رجلا من الأمداد الذين يمدون [من اليمن من ] خولان يقولون للأمداد من عنس : صاحبكم الكذاب حرق صاحبنا بالنار فلم تضره [ ص: 1759 ] .

قال أبو عمر : أما صدر هذا الخبر فمعروف مثله لحبيب [بن زيد ] بن عاصم الأنصاري ، أخي عبد الله بن زيد مع مسيلمة ، فقتله مسيلمة وقطعه عضوا عضوا .

ويروى مثل آخر لرجل مذكور في الصحابة من خولان ، وكان اسمه ذؤيبا ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله . وإسماعيل بن عياش ليس بحجة في غير الشاميين ، وهو فيما حدث به عن الشاميين أهل بلده لا بأس به .

التالي السابق


الخدمات العلمية