صفحة جزء
3343 - رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمها خديجة بنت خويلد ، وقد تقدم ذكرها ، زعم الزبير وعمه مصعب أنها كانت أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإياه صحح الجرجاني النسابة . وقال غيرهم : أكبر بناته زينب ثم رقية .

قال أبو عمر : لا أعلم خلافا أن زينب أكبر بناته صلى الله عليه وسلم .

واختلف فيمن بعدها منهن ، ذكر أبو العباس محمد بن إسحاق السراج ، قال :

سمعت عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر بن سليمان الهاشمي ، قال : ولدت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثلاثين سنة ، وولدت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثلاث وثلاثين سنة .

وقال مصعب وغيره من أهل النسب : كانت رقية تحت عتبة بن أبي لهب ، وكانت أختها أم كلثوم تحت عتبة بن أبي لهب ، فلما نزلت : تبت يدا أبي لهب [ ص: 1840 ] قال لهما أبوهما أبو لهب وأمهما حمالة الحطب : فارقا ابنتي محمد .

وقال أبو لهب : رأسي من رأسيكما حرام إن لم تفارقا ابنتي محمد . ففارقاهما .

قال ابن شهاب : فتزوج عثمان بن عفان رقية بمكة ، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة ، وولدت له هناك ابنا ، فسماه عبد الله ، فكان يكنى به .

وقال مصعب : كان عثمان يكنى في الجاهلية أبا عبد الله ، فلما كان الإسلام وولد له من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام سماه عبد الله ، واكتنى به ، فبلغ الغلام ست سنين ، فنقر عينه ديك فتورم وجهه ومرض ومات .

وقال غيره : توفي عبد الله بن عثمان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في جمادى الأولى سنة أربع من الهجرة ، وهو ابن ست سنين ، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزل في حفرته أبوه عثمان رضي الله عنهما .

وقال قتادة : تزوج عثمان رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتوفيت عنده ولم تلد منه . وهذا غلط من قتادة ولم يقله غيره . وأظنه أراد أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن عثمان تزوجها بعد رقية فتوفيت عنده ، ولم تلد منه . هذا قول ابن شهاب وجمهور أهل هذا الشأن ، ولم يختلفوا أن عثمان إنما تزوج أم كلثوم بعد رقية ، وهذا يشهد لصحة قول من قال : إن رقية أكبر من أم كلثوم .

وفي الحديث الصحيح ، عن سعيد بن المسيب ، قال : تأيم عثمان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتأيمت حفصة من زوجها ، فمر عمر بعثمان [ ص: 1841 ] فقال له : هل لك في حفصة . وكان عثمان قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها ، فلم يجبه ، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل لك في خير من ذلك؟ أتزوج أنا حفصة وأزوج عثمان خيرا منها أم كلثوم! هذا معنى الحديث ، وقد ذكرناه بإسناده في التمهيد ، وهو أوضح شيء فيهما قصدناه والحمد لله .

وأما وفاة رقية فالصحيح في ذلك أن عثمان تخلف عليها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مريضة في [حين ] خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر ، وتوفيت يوم وقعة بدر ، ودفنت يوم جاء زيد بن حارثة بشيرا بما فتح الله عليهم ببدر وقد روى حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال :

لما ماتت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

لا يدخل القبر رجل قارف أهله ، فلم يدخل عثمان .
وهذا الحديث خطأ من حماد بن سلمة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشهد دفن رقية ابنته ، ولا كان ذلك القول منه في رقية ، وإنما كان ذلك القول منه في أم كلثوم . ذكر البخاري ، قال : حدثنا محمد بن سنان ، حدثنا فليح بن عثمان ، حدثنا هلال بن علي ، عن أنس بن مالك ، قال : شهدنا دفن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر ، فرأيت عينيه تدمعان ، فقال : هل منكم من أحد لم يقارف [الليلة ] ؟ فقال أبو طلحة :

أنا . فقال : انزل في قبرها ، فنزل في قبرها
وهذا هو الصحيح من حديث [ ص: 1842 ] أنس ، لا قول من ذكر فيه رقية . ولفظ حديث حماد بن سلمة أيضا في ذلك منكر مع ما فيه من الوهم في ذكر رقية .

وروى ابن المبارك ، وابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال : تخلف عثمان عن بدر على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان قد أصابتها الحصبة فماتت . وجاء يزيد بن حارثة بشيرا بوقعة بدر وعثمان على قبر رقية .

وذكر محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا الحسن بن حماد ، حدثنا عبيدة ، عن هشام ابن عروة ، عن أبيه ، قال : تخلف عثمان وأسامة بن زيد عن بدر ، وكان تخلف عثمان على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبينا هم يدفنونها سمع عثمان تكبيرا ، فقال : يا أسامة ، ما هذا التكبير؟ فنظروا فإذا زيد بن حارثة على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجدعاء بشيرا بقتل أهل بدر من المشركين .

قال أبو عمر : لا خلاف بين أهل السير أن عثمان بن عفان إنما تخلف عن بدر على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه ضرب له بسهمه وأجره . وكانت بدر في رمضان من السنة الثانية من الهجرة .

وقد روى موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، قال : توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قدوم أهل بدر المدينة . فلم يقم موسى المعنى ، وجاء فيه بالمقاربة . وليس موسى بن عقبة في ابن شهاب حجة إذا خالفه غيره . والصحيح ما رواه يونس عن ابن شهاب على ما قدمناه وبالله توفيقنا .

في نسخة ابن شافع الحافظ في الأصل عند آخر ترجمة رقية رضي الله عنها [ ص: 1843 ] [هذه ] حديث دفن البنات من المكرمات وليس هذا موضعه لو صح ، لكن قد كتبه فكتبته .

قال أبو علي : حدثنا أبو عمر النمري ، حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا الحسن ابن رشيق ، حدثنا أبو بشر الدولابي ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عوف الطائي ، ويزيد بن عبد الصمد أبو القاسم الدمشقي ، قالا : حدثنا عبد الله بن ذكوان ، حدثنا عراك بن خالد بن زيد بن صفيح المزي ، عن عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما عزي رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته [رقية ] قال : الحمد لله ، دفن البنات من المكرمات .

التالي السابق


الخدمات العلمية