صفحة جزء
باب أسامة

21 - أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى الكلبي ، قد رفعنا في نسبه عند ذكر أبيه زيد بن حارثة ، وذكرنا ما لحق أباه زيدا من السباء ، وأنه صار بعد مولى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وله ولاؤه صلى الله عليه وسلم ، وأوضحنا ذلك في باب أبيه زيد بن حارثة ، يكنى أسامة أبا زيد . وقيل أبا محمد ، يقال له الحب ابن الحب .

وقال ابن إسحاق : زيد بن حارثة بن شرحبيل ، وخالفه الناس ، فقالوا : شراحيل وأم أسامة أم أيمن واسمها بركة مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحاضنته .

اختلف في سنه يوم مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقيل : ابن عشرين سنة . وقيل : ابن تسع عشرة . وقيل : ابن ثماني عشرة ، سكن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وادي القرى ، ثم عاد إلى المدينة ، فمات بالجرف في آخر خلافة معاوية . ذكر محمد بن سعد قال حدثنا يزيد بن هارون ، قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره ، فجاء غلام [ ص: 76 ] أسود أفطس ، فقال أهل اليمن : إنما حبسنا من أجل هذا؟ قال : فلذلك كفر أهل اليمن من أجل هذا . قال يزيد بن هارون : يعني ردتهم أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه . ولما فرض عمر بن الخطاب للناس فرض لأسامة بن زيد خمسة آلاف ، ولابن عمر ألفين ، فقال ابن عمر : فضلت علي أسامة ، وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال : إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منك ، وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أبيك .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا أحمد بن زهير ، قال حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال حدثنا حماد بن سلمة ، قال حدثنا موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : أحب الناس إلي أسامة ما خلا فاطمة ولا غيرها . وبه عن حماد بن سلمة ، قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إن أسامة بن زيد لأحب الناس إلي ، أو من أحب الناس إلي ، وأنا أرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا . وروى محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عبيد الله ، قال : رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعي مروان بن الحكم إلى جنازة ليصلي عليها فصلى عليها ثم رجع ، وأسامة يصلي عند باب بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له مروان : إنما أردت أن يرى مكانك ، فقد رأينا مكانك ، فعل الله بك وفعل ، قولا قبيحا ، ثم أدبر . فانصرف أسامة [ ص: 77 ] وقال : يا مروان ، إنك آذيتني ، وإنك فاحش متفحش ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن الله يبغض الفاحش المتفحش . أخبرنا خلف بن قاسم ، حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد ، حدثنا أحمد بن محمد بن البشيري . حدثنا علي بن خشرم قال قلت لوكيع : من سلم من الفتنة؟ قال : أما المعروفون من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأربعة : سعد بن مالك ، وعبد الله بن عمر ، ومحمد بن مسلمة ، وأسامة بن زيد ، واختلط سائرهم . قال : ولم يشهد أمرهم من التابعين أربعة : الربيع بن خثيم ، ومسروق بن الأجدع ، والأسود بن يزيد ، وأبو عبد الرحمن السلمي .

قال أبو عمر : أما أبو عبد الرحمن السلمي فالصحيح عنه أنه كان مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وأما مسروق فذكر عنه إبراهيم النخعي أنه ما مات حتى تاب إلى الله تعالى من تخلفه عن علي كرم الله وجهه ، وصح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من وجوه أنه قال : ما آسى على شيء كما آسى أني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي رضي الله عنه .

وتوفي أسامة بن زيد بن حارثة في خلافة معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين . وقيل : بل توفي سنة أربع وخمسين ، وهو عندي أصح إن شاء الله تعالى .

وروى عنه أبو عثمان النهدي ، وعروة بن الزبير ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وجماعة [ ص: 78 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية