440 -
الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، يكنى أبا عبد الرحمن، وأمه
أم الجلاس أسماء بنت مخربة بن جندل بن أبين بن نهشل بن دارم، شهد
بدرا كافرا مع أخيه شقيقه
أبي جهل، وفر حينئذ، وقتل أخوه وعير
الحارث بن هشام لفراره ذلك، فمما قيل فيه قول
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت : إن كنت كاذبة بما حدثتني فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الأحبة أن يقاتل دونهم
ونجا برأس طمرة ولجام
فاعتذر الحارث بن هشام من فراره يومئذ بما زعم
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي أنه لم يسمع بأحسن من اعتذاره ذلك من فراره، وهو قوله :
الله يعلم ما تركت قتالهم حتى رموا فرسي بأشقر مزبد
ووجدت ريح الموت من تلقائهم في مأزق والخيل لم تتبدد
[ ص: 302 ] فعلمت أني إن أقاتل واحدا أقتل ولا ينكي عدوي مشهدي
فصدفت عنهم والأحبة دونهم طمعا لهم بعقاب يوم مفسد
ثم غزا
أحدا مع المشركين أيضا، ثم أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه، وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، وكان من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم.
وروينا
أن nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب استأمنت له النبي صلى الله عليه وسلم فأمنه يوم الفتح، وكانت إذ أمنته قد أراد nindex.php?page=showalam&ids=8علي قتله، وحاول أن يغلبها عليه، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم منزلها ذلك الوقت، فقالت: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن أمي يريد قتل رجل أجرته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت، وأمنا من أمنت، فأمنه. هكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير وغيره، وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره أن الذي أجارته بعض بني زوجها
هبيرة بن أبي وهب وأسلم
الحارث فلم ير منه في إسلامه شيء يكره، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
حنينا، فأعطاه مائة من الإبل كما أعطى المؤلفة قلوبهم.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر
الحارث بن هشام وفعله
[ ص: 303 ] في الجاهلية في قرى الضيف وإطعام الطعام، فقال: إن
الحارث لسري، وإن كان أبوه لسريا، ولوددت أن الله هداه إلى الإسلام. وخرج إلى
الشام في زمن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب راغبا في الرباط والجهاد، فتبعه أهل
مكة يبكون لفراقه، فقال: إنها النقلة إلى الله، وما كنت لأوثر عليكم أحدا. فلم يزل
بالشام مجاهدا حتى مات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15184المدائني: قتل
الحارث بن هشام يوم
اليرموك، وذلك في رجب سنة خمس عشرة، وفي
الحارث بن هشام يقول الشاعر:
أحسبت أن أباك يوم تسبني في المجد كان الحارث بن هشام
أولى قريش بالمكارم كلها في الجاهلية كان والإسلام
وأنشد الشاعر
أبو زيد عمر بن شبة للحارث بن هشام: من كان يسأل عنا أين منزلنا فالأقحوانة منا منزل قمن
إذ نلبس العيش صفوا لا يكدره طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن
وخلف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه على امرأته
فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وهي أم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقالت طائفة من أهل العلم بالنسب: لم يبق من ولد
الحارث بن هشام إلا
عبد الرحمن بن الحارث، وأخته
أم حكيم بنت حكيم بنت الحارث بن هشام.
روى
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن مبارك، عن
nindex.php?page=showalam&ids=18035الأسود بن شيبان، عن
nindex.php?page=showalam&ids=22050أبي نوفل بن أبي عقرب [ ص: 304 ] قال: خرج
الحارث بن هشام من
مكة، فجزع أهل
مكة جزعا شديدا، فلم يبق أحد يطعم إلا وخرج معه يشيعه، حتى إذا كان بأعلى البطحاء أو حيث شاء الله من ذلك، وقف ووقف الناس حوله يبكون، فلما رأى جزع الناس قال: يا أيها الناس، إني والله ما خرجت رغبة بنفسي عن أنفسكم، ولا اختيار بلد على بلدكم، ولكن كان هذا الأمر، فخرجت فيه رجال من
قريش ، والله ما كانوا من ذوي أسنانها ولا من بيوتاتها فأصبحنا والله لو أن جبال
مكة ذهب فأنفقناها في سبيل الله ما أدركنا يوما من أيامهم، والله لئن فاتونا به في الدنيا لنلتمسن أن نشاركهم به في الآخرة فاتقى الله امرؤ.
فتوجه إلى
الشام واتبعه ثقله فأصيب شهيدا.
روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=908690أن nindex.php?page=showalam&ids=16334عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أخبره عن أبيه أنه قال: يا رسول الله، أخبرني بأمر أعتصم به. فقال: املك عليك هذا، وأشار إلى لسانه، قال: فرأيت أن ذلك يسير. ومن رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب لهذا الحديث عنه من يقول: قال
عبد الرحمن: فرأيت أن ذلك شيء يسير، وكنت رجلا قليل الكلام، ولم أفطن له، فلما رمته فإذا لا شيء أشد منه.
[ ص: 305 ]