باب
حسان
507 -
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري، الشاعر، يكنى
nindex.php?page=showalam&ids=11928أبا الوليد. وقيل: يكنى
أبا عبد الرحمن ، وقيل:
أبا الحسام، وأمه
الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب ابن ساعدة الأنصارية كان يقال له شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أنها وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان والله كما قال فيه شاعره
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت رضي الله عنه :
متى يبد في الداجي البهيم جبينه يلح مثل مصباح الدجى المتوقد فمن كان أو من قد يكون كأحمد
نظام لحق أو نكال لملحد
وروينا عن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16732عوف الأعرابي nindex.php?page=showalam&ids=15627وجرير بن حازم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين، ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن البراء، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب nindex.php?page=showalam&ids=11813وأبي إسحاق - دخل حديث بعضهم في بعض: أن الذين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشركي قريش : عبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص، وضرار بن الخطاب، [ ص: 342 ] فقال قائل nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي بن أبي طالب: اهج عنا القوم الذين يهجوننا. فقال: إن أذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلت. فقالوا: يا رسول الله، ائذن له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا ليس عنده ما يراد في ذلك منه، أو: ليس في ذلك هنالك.
ثم قال: ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم؟ فقال حسان: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه وقال: والله ما يسرني به مقول بين بصرى وصنعاء .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تهجوهم وأنا منهم؟ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي؟ فقال: والله لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين. فقال له: إيت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر، فإنه أعلم بأنساب القوم منك. فكان يمضي إلى
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ليقف على أنسابهم، فكان يقول له: كف عن فلانة وفلانة، واذكر فلانة وفلانة، فجعل
حسان يهجوهم. فلما سمعت
قريش شعر
حسان قالوا: إن هذا الشعر ما غاب عنه
ابن أبي قحافة، أو: من شعر
ابن أبي قحافة.
فمن شعر
حسان في
أبي سفيان بن الحارث: وإن سنام المجد من آل هاشم بنو بنت مخزوم ووالدك العبد
[ ص: 343 ] ومن ولدت أبناء زهرة منهم كرام ولم يقرب عجائزك المجد
ولست كعباس ولا كابن أمه ولكن لئيم لا تقام له زند
وإن امرأ كانت سمية أمه وسمراء - مغمور إذا بلغ الجهد
وأنت هجين نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
فلما بلغ هذا الشعر
أبا سفيان قال: هذا كلام لم يغب عنه
ابن أبي قحافة.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر: يعني بقوله بنت مخزوم
فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم فيما ذكر أهل النسب، وهي
أم أبي طالب، وعبد الله، والزبير، بني عبد المطلب. وقوله: ومن ولدت أبناء
زهرة منهم، يعني
nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة nindex.php?page=showalam&ids=252وصفية، أمهما
هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس، وابن أمه شقيقه
ضرار بن عبد المطلب، أمهما
نتيلة امرأة من
النمر بن قاسط، وسمية أم أبي سفيان وسمراء أم أبيه.
ومن قول
حسان أيضا في
أبي سفيان: هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت مطهرا برا حنيفا أمين الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء
[ ص: 344 ] فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
وهذا الشعر أوله:
عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17094مصعب الزبيري: هذه القصيدة قال
حسان صدرها في الجاهلية وآخرها في الإسلام.
قال: وهجم
حسان على فتية من قومه يشربون الخمر، فعيرهم في ذلك، فقالوا: يا
nindex.php?page=showalam&ids=11928أبا الوليد، ما أخذنا هذه إلا منك، وإنا لنهم بتركها ثم يثبطنا عن ذلك قولك:
ونشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
فقال: هذا شيء قلته في الجاهلية، والله ما شربتها منذ أسلمت.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين: وانتدب لهجو المشركين ثلاثة من
الأنصار :
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت، nindex.php?page=showalam&ids=331وكعب بن مالك، nindex.php?page=showalam&ids=82وعبد الله بن رواحة، فكان
حسان nindex.php?page=showalam&ids=331وكعب بن مالك يعارضانهم بمثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكران مثالبهم، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله يومئذ أهون القول عليهم، وكان قول
حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد القول عليهم قول
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة [ ص: 345 ] .
وروينا من وجوه كثيرة
nindex.php?page=hadith&LINKID=652974عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول nindex.php?page=showalam&ids=144لحسان: اهجهم - يعني المشركين - وروح القدس معك. nindex.php?page=hadith&LINKID=650434وإنه صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=144لحسان: اللهم أيده بروح القدس لمناضلته عن المسلمين. nindex.php?page=hadith&LINKID=669105وقال صلى الله عليه وسلم: إن قوله فيهم أشد من وقع النبل. ومر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه
بحسان وهو ينشد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أتنشد الشعر؟ أو قال: مثل هذا الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال له
حسان: قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك - يعني النبي صلى الله عليه وسلم، فسكت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر.
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله أنه نهى أن ينشد الناس شيئا من مناقضة
الأنصار ومشركي
قريش ، وقال: في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن، وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبي حاتم عن
أبي عبيدة قال: فضل
حسان على الشعراء بثلاث: كان شاعر
الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في [أيام] النبوة، وشاعر
اليمن كلها في الإسلام.
قال
أبو عبيدة: واجتمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل
يثرب، ثم
عبد القيس، ثم
ثقيف، وعلى أن
أشعر أهل المدر nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت [ ص: 346 ] .
وقال
أبو عبيدة: nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت شاعر
الأنصار في الجاهلية، وشاعر أهل
اليمن في الإسلام، وهو شاعر أهل القرى.
وعن
أبي عبيدة وأبي عمرو بن العلاء أنهما قالا:
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت أشعر أهل الحضر. وقال أحدهما: أهل المدر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي :
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت أحد فحول الشعراء، فقال له
أبو حاتم : تأتي له أشعار لينة. فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي : تنسب إليه أشياء لا تصح عنه.
وروى ابن أخي
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي عن عمه قال: الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير ضعف ولان، هذا
حسان فحل من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.
وقال مرة أخرى: شعر
حسان في الجاهلية من أجود الشعر.
وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=144لحسان: لان شعرك أو هرم شعرك في الإسلام يا أبا الحسام. فقال للقائل: يا ابن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب، أو يمنع من الكذب، وإن الشعر يزينه الكذب، يعني إن شأن التجويد في الشعر الإفراط في الوصف والتزيين بغير الحق، وذلك كله كذب.
وقال
الحطيئة: أبلغوا
الأنصار أن شاعرهم أشعر العرب حيث يقول:
[ ص: 347 ] يغشون حتى ما تهر كلابهم لا يسألون عن السواد المقبل
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان: إن أمدح بيت قالته العرب بيت
حسان هذا.
وقال قوم في
حسان: إنه كان ممن خاض في الإفك على
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها، وإنه جلد في ذلك، وأنكر قوم أن يكون
حسان خاض في الإفك أو جلد فيه، ورووا عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أنها برأته من ذلك ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار، قال: حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12366إبراهيم بن المنذر، عن
nindex.php?page=showalam&ids=22497هشام بن سليمان، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج، عن
nindex.php?page=showalam&ids=21711محمد بن السائب بن بركة، عن أمه، أنها كانت مع
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في الطواف، ومعها
أم حكيم بنت خالد بن العاصي، وأم حكيم بنت عبد الله بن أبي ربيعة، فتذاكرتا
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت [فابتدرناه] بالسب، فقالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: ابن الفريعة تسبان؟ إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذبه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه، أليس القائل:
هجوت محمدا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
فبرأته من أن يكون افترى عليها، فقالتا: أليس ممن لعنه الله في الدنيا والآخرة بما قال فيك؟ فقالت: لم يقل شيئا، ولكنه الذي يقول:
[ ص: 348 ] حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فإن كان ما قد قيل عني قلته فلا رفعت سوطي إلي أناملي
وقال أكثر أهل الأخبار والسير: إن
حسانا كان من أجبن الناس، وذكروا من جبنه أشياء مستشنعة أوردوها عن
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير أنه حكاها عنه، كرهت ذكرها لنكارتها.
ومن ذكرها قال: إن
حسانا لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من مشاهده، لجبنه، وأنكر بعض أهل العلم بالخبر ذلك، وقالوا: لو كان حقا لهجي به.
وقيل: إنما أصابه ذلك الجبن منذ ضربه
nindex.php?page=showalam&ids=4262صفوان بن المعطل بالسيف.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563محمد بن إسحاق، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم التيمي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى
حسانا عوضا من ضربة
صفوان الموضع الذي
بالمدينة، وهو قصر
بني جديلة، وأعطاه
سيرين أمة قبطية، فولدت له
nindex.php?page=showalam&ids=16326عبد الرحمن بن حسان.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر رضي الله عنه: أما إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
سيرين أخت
مارية nindex.php?page=showalam&ids=144لحسان فمروي من وجوه، وأكثرها أن ذلك ليس لضربة
صفوان، بل لذبه بلسانه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء المشركين له، والله أعلم.
[ ص: 349 ] .
ومن جيد شعر
حسان ما ارتجله بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في حين قدوم وفد
بني تميم، إذا أتوه بخطيبهم وشاعرهم، ونادوه من وراء الحجرات أن اخرج إلينا يا
محمد، فأنزل الله فيهم :
إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم الآية. وكانت حجراته صلى الله عليه وسلم تسعا، كلها من شعر مغلقة من خشب العرعر. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، وخطب خطيبهم مفتخرا، فلما سكت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس أن يخطب بمعنى ما خطب به خطيبهم، فخطب
ثابت بن قيس فأحسن، ثم قام شاعرهم، وهو
الزبرقان بن بدر فقال:
نحن الملوك فلا حي يقاربنا فينا العلاء وفينا تنصب البيع
ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا من العبيط إذا لم يؤنس القزع
وننحر الكوم عبطا في أرومتنا للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا
تلك المكارم حزناها مقارعة إذا الكرام على أمثالها اقترعوا
[ ص: 350 ] ثم جلس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=144لحسان بن ثابت: قم، فقام وقال :
إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بينوا سنة للناس تتبع
يرضى بها كل من كانت سريرته تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع
لو كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا
ولا يضنون عن جار بفضلهم ولا يمسهم في مطمع طبع
أعفة ذكرت للناس عفتهم لا يبخلون ولا يرديهم طمع
خذ منهم ما أتوا عفوا إذا عطفوا ولا يكن همك الأمر الذي منعوا
فإن في حربهم فاترك عداوتهم شرا يخاض إليه الصاب والسلع
أكرم بقوم رسول الله شيعتهم إذا تفرقت الأهواء والشيع
فقال التميميون عند ذلك: وربكم إن خطيب القوم أخطب من خطيبنا، وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا، وما انتصفنا ولا قاربنا.
[ ص: 351 ] وتوفي
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت رحمه الله قبل الأربعين في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه، وقيل: بل مات
حسان سنة خمسين. [وهو ابن مائة وعشرين سنة]، وقيل إن
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت توفي سنة أربع وخمسين، ولم يختلفوا أنه عاش مائة وعشرين سنة، منها ستون في الجاهلية وستون في الإسلام، وأدرك
النابغة الذبياني، وأنشده من شعره، وأنشد
الأعشى وكلاهما قال له: إنك شاعر.