من نزاهة nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث في الحكم
حدثنا
محمد بن مخلد بن حفص العطار: قال: حدثني
يحيى ابن الليث، قال: باع رجل من أهل
خراسان جمالا بثلاثين ألف درهم من
مرزبان المجوسي وكيل
أم جعفر، فمطله بثمنها وحبسه، فطال ذلك على الرجل فأتى بعض أصحاب
ابن غياث فشاوره، فقال له: اذهب إليه فقل له: أعطني ألف درهم وأحيل عليك بالمال الباقي وأخرج إلى
خراسان، فإذا فعل هكذا فالقني حتى أشير عليك، ففعل الرجل وأتى
مرزبان فأعطاه ألف درهم، فرجع إلى الرجل فأخبره، فقال: عد إليه فقل له: إذا ركبت غدا فطريقك على القاضي تحضر وأوكل رجلا يقبض المال واخرج، فإذا جلس إلى القاضي فادع عليه ما بقي لك من المال، فإذا أقر حبسه
حفص وأخذت مالك، فرجع إلى
مرزبان فسأله فقال: انتظرني بباب القاضي، فلما ركب من الغد وثب إليه الرجل فقال: إن رأيت أن ننزل إلى القاضي حتى أوكل بقبض المال وأخرج فنزل
مرزبان فتقدما إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث فقال الرجل: أصلح الله القاضي، لي على هذا تسعة وعشرون ألف درهم، قال
حفص: ما تقول يا مجوسي؟ قال: صدق أصلح الله القاضي، قال: ما تقول يا رجل فقد أقر لك؟ قال: يعطيني مالي أصلح الله القاضي، فأقبل
حفص على المجوسي فقال: ما تقول؟ قال: هذا المال على السيدة، قال: أنت أحمق، تقر ثم تقول: على السيدة، ما تقول يا رجل؟ قال: أصلح الله القاضي، إن أعطاني مالي وإلا حبسته، قال
حفص: ما تقول يا مجوسي؟ قال: المال على السيدة، قال: خذوا بيده إلى الحبس، فلما حبس بلغ
أم جعفر الخبر فغضبت فبعثت إلى
السندي: وجه إلى
مرزبان، وكانت القضاة تحبس الغرماء في الجسر، فعجل
السندي فأخرجه، وبلغ
حفصا الخبر فقال: أحبس أنا ويخرج
السندي، لا جلست مجلسي هذا أو يرد
مرزبان إلى الحبس، فجاء
السندي إلى
أم جعفر فقال: الله الله في، إنه
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث وأخاف من أمير المؤمنين أن يقول: بأمر من أخرجته، رديه إلى الحبس وأنا أكلم
حفصا في أمره فأجابته فرجع
مرزبان إلى الحبس، فقالت
أم جعفر لهارون: قاضيك هذا أحمق، حبس وكيلي واستخف به فمره لا ينظر في الحكم ويولي أمره إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف، فأمر لها بكتاب وبلغ
حفصا الخبر، فقال للرجل: أحضرني شهودا حتى أسجل لك على المجوسي بالمال، فجلس
حفص فسجل على المجوسي وورد كتاب
هارون مع خادم، فقال: هذا كتاب أمير المؤمنين، قال: مكانك نحن في شيء حتى نفرغ منه، فقال: كتاب أمير المؤمنين، فقال: انظر ما يقال لك، فلما فرغ
حفص من السجل أخذ الكتاب من الخادم فقرأه، فقال: اقرأ على أمير المؤمنين السلام وأخبره أن كتابه ورد وقد أنفذت الحكم،
[ ص: 153 ] فقال الخادم: قد والله عرفت ما صنعت، أبيت أن تأخذ كتاب أمير المؤمنين حتى تفرغ مما تريد، ووالله لأخبرن أمير المؤمنين، بما فعلت، فقال له
حفص: قل ما أحببت، فجاء الخادم فأخبر
هارون فضحك، وقال: مر
nindex.php?page=showalam&ids=15730لحفص بن غياث بثلاثين ألف درهم، فركب
يحيى بن خالد فاستقبل
حفصا منصرفا من مجلس القضاء، فقال: أيها القاضي! قد سررت أمير المؤمنين اليوم وأمر لك بثلاثين ألف درهم، فما كان السبب في هذا؟ قال: تمم الله سرور أمير المؤمنين وأحسن حفظه وكلاءته، ما زدت على ما أفعل كل يوم، قال: علي ذلك؟ قال: ما أعلم إلا أن يكون سجلت على
مرزبان المجوسي بما وجب عليه، فقال
يحيى بن خالد: بهذا سر أمير المؤمنين، فقال
حفص: الحمد لله كثيرا، فقالت
أم جعفر لهارون: لا أنا ولا أنت إلا أن تعزل
حفصا، فأبى عليها، ثم ألحت عليه فعزله عن
الشرقية وولاه القضاء على
الكوفة فمكث عليها ثلاث عشرة سنة، وكان
أبو يوسف لما ولي
حفص قال لأصحابه: تعالوا نكتب نوادر
حفص، فلما وردت أحكامه وقضاياه على
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف قال له أصحابه: أين النوادر التي زعمت نكتبها؟ فقال: ويحكم! إن
حفصا أراد الله فوفقه. قال
ابن مخلد: قال
أبو علي: سمعت
أبا علي حسن بن حماد سجادة يقول: قال
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث: والله ما وليت القضاء حتى حلت لي الميتة، ومات يوم مات ولم يخلف درهما وخلف عليه تسع مائة درهم دينا، قال
سجادة: وكان يقال: ختم القضاء
بحفص بن غياث.