لا يستحيي أحدكم من التعلم
حدثنا
محمد بن الفتح القلانسي، قال: أخبرنا
ابن أبي عمرو الشيباني، عن أبيه، عن
أبي عبد الرحمن الطائي، قال: قال لي
عبد الله بن زيد القيسي: بينا أنا واقف على رأس
nindex.php?page=showalam&ids=20475ابن هبيرة وبين يديه سماطان من وجوه الناس إذ أقبل شاب لم أر في مثل جماله وكماله، حتى دنا من
nindex.php?page=showalam&ids=20475ابن هبيرة فسلم عليه بالإمرة فقال: له: أصلح الله الأمير، امرؤ قدحته كربة، وأوحشته غربة، ونأت به الدار، وحل به عظيم، خذله أخلاؤه، وشمت به أعداؤه، وأسلمه البعيد، وجفاه القريب، فقمت مقاما لا أرى لي معولا ولا حازبا إلا الرجاء لله تعالى وحسن عائدة الأمير، وأنا أصلح الله الأمير ممن لا تجهل أسرته ولا تضيع حرمته، فإن رأى الأمير - أصلحه الله - أن يسد خلتي ويجبر خصاصتي يفعل، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=20475ابن هبيرة: من الرجل؟ قال: من الذين يقول لهم الشاعر:
فزارة بيت العز والعز فيهم فزارة قيس حسب قيس فعالها لها العزة القصوى مع الشرف الذي
بناه لقيس في القديم رجالها وهل أحد إن مد يوما بكفه
إلى الشمس في مجرى النجوم ينالها لهيهات ما أعيا القرون التي مضت
مآثر قيس واعتلاها فعالها
[ ص: 154 ] فقال
nindex.php?page=showalam&ids=20475ابن هبيرة: إن هذا لأدب حسن مع ما أرى من حداثة سنك، فكم أتى لك من السن؟ قال: تسع وعشرون سنة، فلحن الفتى، فأطرق
nindex.php?page=showalam&ids=20475ابن هبيرة كالشامت به، ثم قال: أو لحان أيضا مع جميل ما أتى عليه منطقك؟ شنته والله بأقبح العيب، قال: فأبصر الفتى ما وقع فيه، فقال: إن الأمير أصلحه الله عظم في عيني وملأت هيبته صدري، فنطق لساني بما لم يعرفه قلبي، فوالله إلا ما أقالني الأمير عثرتي عندما كان من زلتي، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=20475ابن هبيرة: وما على أحدكم أن يتعلم العربية فيقيم بها أوده، ويحضر بها سلطانه، ويزين بها مشهده، وينوء بها على خصمه، أو يرضى أحدكم أن يكون لسانه مثل لسان عبده أو أكاره؟ وقد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم، فإن كان سبقك لسانك وإلا فاستعن ببعض ما أوصلناه إليك، ولا يستحيي أحدكم من التعلم، فإنه لولا هذا اللسان لكان الإنسان كالبهيمة المهملة، وفي رواية أخرى: أو كالصورة الممثلة، قتل الله الشاعر حيث يقول:
ألم تر مفتاح الفؤاد لسانه إذا هو أبدى ما يقول من الفم
وكائن ترى من صاحب لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
قال
القاضي: في هذا الخبر: فإن رأى الأمير يفعل، فالأحسن: فإن رأى فعل، أو فإن ير يفعل ليتفق لفظ الشرط ولفظ الجزاء، وفعل الجزاء مستقبل في المعنى وإن أتى به بلفظ المضي، ومجيئه مختلط على ما في هذا الخبر صواب، وقال
زهير: ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ولو نال أسباب السماء بسلم