أحسن الشعر 
حدثنا 
إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي،  قال: 
استنشدني أبو سليمان داود بن علي  بعقب قصيدة أنشدته إياها ومدحته فيها، وسألته الجلوس فأجابني، وقال لي في شيء منها: لو أبدلت مكانه؟ فقلت له: هذا كلام العرب، فقال: أحسن الشعر ما دخل القلب بلا آذان، هذا بعد أن بدلت الكلمة، فقال لي إنسان بحضرته: ما أشد ولوعك بذكر الفراق في شعرك! فقال أبو سليمان:  وأي شيء أمض من الفراق؟ ثم حكى عن 
محمد بن حبيب ،  عن 
عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير،  أنه قيل له: ما كان أبوك صانعا حيث يقول: 
لو كنت أعلم أن آخر عهدكم يوم الرحيل فعلت ما لم أفعل 
قال: يقلع عينه ولا يرى مظعن أحبابه 
تعليقات بلاغية ونحوية 
قال 
القاضي:  ولي من أبيات لم يحضرني حفظها في هذا الوقت أيضا هي في معنى قول 
أبي سليمان داود  في هذا الخبر: 
تخترق الحجب بلا حاجب     وتدخل الأذن بلا آذن 
والأذن مع الآذن يؤثر للمجانسة، وما يدخل القلب أبلغ في تحقيق المعنى، وقوله: 
لو كنت أعلم أن آخر عهدكم     يوم الرحيل....... 
يروى: يوم الرحيل رفعا ونصبا، فمن نصبه فعلى أنه ظرف، والمعنى أن آخر عهدكم في يوم الرحيل، ومن رفعه جعل يوم الرحيل نفسه هو آخر العهد. 
وقد قرأت القرأة: 
قال موعدكم يوم الزينة ، فمن رفع جعل الموعد هو اليوم، ومن نصب جعل الموعد في اليوم. 
وقال 
يونس:  سألت 
 nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة:  أين منزلك؟ فقال: شرقي المسجد، وقال 
جرير   : 
هبت شمالا فذكرى ما ذكرتكم     إلى الصفاة التي شرقي حورانا 
فنصب، والرفع جائز، وذلك على ما مضى من بياننا، والاختيار عندي رفع قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة  ونصب قول 
جرير  في بيته على ما قالا، مع جواز خلافه، وذلك أنه سئل عن نفس منزله فأخبر أنه شرقي المسجد، ويقدر جوابه: منزلي هو شرقي المسجد أو شرقي المسجد هو منزلي، هذا هو عرف الناس في السؤال عن مثل هذا، والجواب عن: ما ثوبك؟ فيقال: خز أي: من خز، وما لون فرسك؟ فيقال: أشقر، ولا يقال في الغالب: شقرة، والنصب فيه على معنى أنه سئل في أي موضع منزلك؟ فيقال: في شرقي المسجد، وأما شرقي 
حوران  في بيت 
جرير  فمعناه إلى الصفاة التي هي شرقي 
حوران  ، ولو أريد هذا فالوجه فيه إظهار هي فيقال التي هي شرقي 
حوران   . 
وقد قرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر:   " تماما على الذي أحسن "، والوجه إذا أوثر هذا المعنى أن  
[ ص: 261 ] يقال: على الذي هو أحسن.