المجلس الخامس والثلاثون
طائر أبيض يرسل قبل الضيف
حدثنا
سهل بن أحمد بن الفضل، أبو حميد المكي، قال: حدثنا
محمد بن سعيد الطبري، قال: حدثنا
جويرة بن أشرس، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=20872العلاء أبو محمد، قال:
سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يبعث ضيفا إلى أهله بعث طائرا أبيض يسمى ضيفا قبل ذلك بأربعين صباحا، فيجيء الطائر فيقوم على عتبة بابه، وعظم ذلك الطائر مسيرة سبعين عاما، قال: فينادي: يا أهل الدار! وليس يجيبه أحد، فيسكت عنهم ساعة؟ ثم ينادي الثانية بأعلى صوته، ويسمع صوته جميع أهل السماء السابعة والأرض السابعة ما خلا الثقلين، فيجيبه جبريل من فوق السماء السابعة من تحت عرش الجبار: لبيك يا رسول رب العالمين، ما حاجتك إلى أهل هذه الدار؟ فيقول: إن الله بعثني رسولا إلى أهلها وهو يقرأ عليهم السلام، ويقول: إن فلانا يأتيكم ضيفا إلى أربعين صباحا وهذه بركته ورزقه من الجنة، فيقول جبريل : ناولنيه لأقبضه، فيناوله جبريل، فيقول: ما هذه الرقعة في منقارك؟ فيقول: إنها براءة لهم من النار، فيقول جبريل ، ناولنيها فيناوله فيقرؤها ويتعجب جبريل من ذلك، فيقول الطائر: أتعجب من هذا؟ فيقول: نعم، فيقول الطائر: فإن الله تعالى أمرني أن أحصي عليهم حسناتهم ولا أحصي عليهم سيئاتهم ما دام الضيف فيهم، فإذا خرج من عندهم خرج بذنوب صغيرهم وكبيرهم ورجالهم ونسائهم، وإمائهم وعبيدهم، وحيهم وميتهم، وإنما سمي الضيف ضيفا بذلك الطائر.
قال
القاضي: في هذا الخبر ترغيب في
إضافة الضيف وقضاء حق ضيافته، ودلالة على وجوب حقه ورفعة منزلة مضيفه، ولم تزل الأمم على اختلاف أديانها وآرائها، وأخلاقها وعاداتها، تستحسن الضيافة وترغب فيها وتتواصى بها، وتتحاض عليها، وتتعاير بالرغبة عنها، والتفريط في المسابقة إليها، وللعرب من الخصوصية في هذا، والحفوف فيه،
[ ص: 263 ] والمباذلة والمباهاة، وحسن الاقتداء بها عليه والمضاهاة، ما بزت به من سواها وأبرت عليه، حتى أنها كانت تتدين باعتقاد وجوبه، ولزوم فرضه، وتقصب من أعرض عنه وتنبذه، وتسبه وتعيبه، وترى الحمد والذم فيه متوارثا في أعقابها وأحسابها، ثم جاء الإسلام بتحسين هذا الباب والندب إليه والترغيب فيه، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664794 " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "، فهو من أشرف أفعال الإسلام، وأخلاق النبيين عليهم السلام، وما ورد في هذا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله ومن بعده من أوائل السلف وأماثل الخلف، وذوي الأدب والحكمة، والبصائر والمعرفة، وعن الشعراء قديمهم وحديثهم مدحا وذما أكثر من أن يحصى المختار من لطيفه وبديعه، فضلا عن أن يحاط بجميعه، وقد مضى في بعض مجالس كتابنا هذا صدر منه، ونحن نأتي فيما نستقبله منها بما يوفق الله تعالى بقوته ومشيئته.