صفحة جزء
الصغرى أظرفهن

حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، قال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب بن أبي خيثمة ، قال: أخبرنا الزبير بن بكار ، قال: حدثني مصعب عمي، قال: ذكر لي رجل من أهل المدينة، أن رجلا خرج حاجا فنزل تحت سرحة في بعض الطريق من مكة إلى المدينة ، فنظر إلى كتاب معلق على السرحة مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: أيها الحاج القاصد بيت الله، إن ثلاث أخوات خلون يوما فبحن بأهوائهن وذكرن أشجانهن، فقالت الكبرى:


عجبت له إذ زار في النوم مضجعي ولو زارني مستيقظا كان أعجبا



وقالت الوسطى:


وما زارني في النوم إلا خياله     فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا



وقالت الصغرى:


بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة     ضجيعي ورياه من المسك أطيبا



وفي أسفل الكتاب مكتوب: رحم الله امرأ نظر في كتابنا هذا فقضى بالحق بيننا، ولم يجر في القضية، قال: فأخذ الكتاب فكتب في أسفله:


أحدث عن حور تحدثن مرة     حديث امرئ ساس الأمور وجربا
ثلاث كبكرات الهجان عقائل     نواعم يغلبن اللبيب المهذبا
خلون وقد غابت عيون كثيرة     من اللائي قد يهوين أن يتغيبا
فبحن بما يخفين من لاعج الهوى     معا واتخذن الشعر ملهى وملعبا
[ ص: 285 ] عجبت له أن زار في النوم مضجعي     ولو زارني مستيقظا كان أعجبا
فلما أخبرت ما أخبرت وتضاحكت     تنفست الأخرى، وقالت تطربا
وما زارني في النوم إلا خياله     فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا
وشوقت الأخرى وقالت مجيبة     لهن بقول كان أشهى وأعجبا
بنفسي وأهلي من أرى كل ليلة     ضجيعي ورياه من المسك أطيبا
فلما تبينت الذي قلن وانبرى     لي الحكم لم أترك لذي القول معتبا
قضيت لصغراهن بالظرف إنني     رأيت الذي قالت إلى القلب أعجبا



قال القاضي : السرحة: الشجرة، قال عنترة يصف رجلا بعظم الجثة وكمال الخلقة وبهاء الصورة:


بطل كأن ثيابه في سرحة     تحذى نعال السبت ليس بتوأم



وقال بعض الأعراب:


يا سرحة الدوح أين الحي واكبدا     روحي تذوب وبيت الله من حسر



وقال حميد بن ثور الهلالي :


أبى الله إلا أن سرحة مالك     إلى القلب من بين العضاه تروق

الدوح: جمع دوحة، وهو ما عظم من الشجر.

التالي السابق


الخدمات العلمية