نصائح غالية
للأحنف بن قيس
حدثنا
محمد بن الحسن بن دريد ، قال : أخبرنا
أبو عمرو ، عن
الثوري ، قال : أخبرني رجل من
أهل البصرة ، عن رجل من
بني تميم ، قال
حضرت مجلس nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس وعنده قوم مجتمعون في أمر لهم ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : إن من الكرم منع الحرم ، ما أقرب النقمة من أهل البغي ، لا خير في لذة تعقب ندما ، لن يهلك ولن يفتقر من زهد ، رب هزل قد عاد جدا ، من أمن الزمان خانه ، ومن تعظم عليه هانه ، دعوا المزاح فإنه يورث الضغائن ، خير القول ما صدقه الفعل ، واحتملوا لمن أدل عليكم ، واقبلوا عذر [ ص: 308 ] من اعتذر إليكم ، أطع أخاك وإن عصاك ، وصله وإن جفاك ، أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك ، وإياك ومشاورة النساء ، واعلم أن كفر النعمة لؤم ، وصحبة الجاهل شؤم ، ومن الكرم الوفاء بالذمم ، ما أقبح القطيعة بعد الصلة ، والجفاء بعد اللطف ، وأقبح العداوة بعد الود ، لا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ، ولا إلى البخل أسرع إلى البذل ، واعلم أن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك ، فأنفق في حق ، ولا تكونن خازنا لغيرك ، وإذا كان الغدر في الناس موجودا فالثقة بكل أحد عجز ، اعرف الحق لمن عرفه لك ، واعلم أن قطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل .
قال : فما رأيت كلاما أبلغ منه . فقمت وقد حفظته .
قال
القاضي : هذا لعمري من أشرف الكلام وأبلغه وأحسنه ، وأبلغ الخطاب وأبينه ، فرحم الله أبا بحر كيف أشار بالرشد ، وهدى إلى القصد ، وما فصل من فصول خطبته هذه إلا وقد وردت الآثار بما يؤيده ، مع ما في العقول مما يدعو إليه ويؤكده ، ومجالسنا هذه تتضمن كثيرا مما ورد في معناه ، إن شاء الله ، وأيد بعونه وتوفيقه .