صفحة جزء
المجلس السابع

الروح والفرج في الرضا واليقين

حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة الأنصاري، حدثنا علي بن محمد السدي، قال: حدثنا أبي: محمد بن مروان بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي مولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: حدثني عمرو بن قيس الملائي، عن عطية عن سعد العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كره كاره، إن الله بحكمته وجلالته جعل الروح والفرج في الرضا واليقين، وجعل الغم والحزن في الشك والسخط ".

التعليق على الحديث

قال القاضي أبو الفرج: في هذا الخبر تنبيه لذوي التمييز وحسن التفكر، والتحذير من إرضاء المخلوق الموسوم بالنقص والفقر، على الخالق المالك للنفع والضر، فقد قال الله عز وجل: ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم

وقال تعالى جده: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون وهذا ظاهر في عقول ذوي الفطن السليمة، كثير في الكتاب والسنة، يطول إحصاؤه ويتعب استقصاؤه، وقد أكثر الشعراء والبلغاء في ذكر هذا المعنى وأسهبوا، وجمعه شاق جدا على متعاطيه، والقدر الذي أتينا به كاف فيه. وقد حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر بن سهل الختلي، قال: أخبرنا القاسم بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: أخبرني رجل، قال: أنشدني صديق لي:


لعمرك ما كل التعطل ضائرا ولا كل شغل فيه للمرء منفعه     إذا كانت الأرزاق في القرب والنوى
عليك سواء فاغتنم لذة الدعه     إذا ضقت فاصبر يفرج الله ما ترى
ألا كل ضيق في عواقبه سعه

ولي في هذا المعنى أبيات قلتها قديما، هي:


مالك العالمين ضامن رزقي     فلماذا أملك الخلق رقي
قد قضى لي بما علي وما لي     خالقي جل ذكره قبل خلقي
صاحب البذل والندى في يساري     ورفيقي في عسرتي حسن رفقي

[ ص: 46 ]

وكما لا يرد رزقي عجزي     فكذا لا يجر رزقي حذقي

التالي السابق


الخدمات العلمية