صفحة جزء
أبيات وجدت على سد مأرب

حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، قال : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني بعض أصحابنا ، قال : لما هدمت مأرب سبأ أصيب في ركن من أركانها :


ستأتي سنون هي المعضلا ت ترجع مل الهجعة الأجدل     وفيها يهين الصغير الكبير
وذو الحلم يسكته الأجهل     ترى الشيخ يلقي العصا طائعا
ويمشي عليها الفتى الأرجل

وفي الركن الثاني :

[ ص: 355 ]

ما يكن كائنا لا شك فيه     يزده الصبح والليل اقترابا
وليسا زائدي شيئا تولى     وحالا دونه إلا ذهابا

وفي الركن الثالث :


أيالك دهرا قد خلا عجبه     دهرا تحول رأسه وذنبه
دهرا تداوله الإماء فقد     ترضى بماء بطونها عربه

وفي الركن الرابع الأخير :


الأخير شر     الأخير شر



قال القاضي : ترجع مل الهجعة أراد من الهجعة ، فحذف النون ، ولم يأت بالكلمة على أصلها لئلا ينكسر الشعر ، وهذا مذهب معروف في العربية إذا كانت هذه اللام ظاهرة كقولهم : بلعنبر وبلحرث وبلقين ، فإذا كانت اللام لا تظهر أخرج على أصله كقولك ، بنو الرحل ويقولون : بلمرة لظهور اللام ، قال الشاعر :


غدا بني علباء بكر بن وائل     وعجا صدور الخيل نحر تميم

ومن الكثير الفاشي من هذا الباب في كلامهم قولهم : ما أنس مل أشياء بمعنى من الأشياء ، قال الأعشى :


فما مل أشياء لأنس قولها     لعل النوى بعد التغرق تصقب
فما أنسى مل أشياء لا أنسى قولها     وأدمعها يغسلن حشو المكاحل

وهذا باب يتسع ، ويتصل به البيان عن قراءة أبي عمرو : " وأنه أهلك عادل أولى " ، وقال الشماخ بن ضرار يمدح عرابة الأوسي :


رأيت عرايتل أوسي يسمو     إلى الخيرات منقطع القرين

ولشرح هذا المعنى موضع من كتبنا هو أحق به .

التالي السابق


الخدمات العلمية