كتب 
بني أمية  أقصر من كتب 
بني العباس  
حدثنا 
محمد بن الحسين بن دريد ،  قال : حدثنا 
أبو حاتم ،  قال : سمعت بعض أصحابنا يحدث عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16437عبد الله بن سوار ،  قال : 
كنت غلاما أكتب بين يدي يحيى بن خالد ،  فدخل عليه شيخ ضخم جميل الهيئة ، فأعظمه يحيى  وأقعده إلى جانبه وحادثه ثم قال له : ما بالكم كنتم تكتبون الكتب إلى عمالكم في سائر أموركم فلا تطيلون ، وإنما الكتاب بقدر الفضل من كتبنا ، ونحن نطيل إطالة لا يمكنا غير ذلك ، فقال : اعفني ، فأبى عليه إلا أن يجيبه ، فقال وأنت غير ساخط ؟ قال : نعم ، قال : إن بني أمية  كانت لا تكتب في الباطل أنه حق ، ولا في الحق أنه باطل فلا تعقب أمرا قد نفذ بخلافه أمر ، فلا يحتاجون إلى الإطالة وطلب المعاذير والتلبيس ، وأنتم تكتبون في الشيء الحق أنه باطل والباطل أنه حق ، ثم تعقبون ذلك بخلافه فلا بد لكم من الإطالة . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16437عبد الله بن سوار :  فسألت عن الشيخ فقيل لي : هذا رجل من كتاب 
بني أمية  القدماء من 
أهل الشام .  
قال 
القاضي :  قول 
يحيى  لهذا الكتاب في سائر أموركم ، إن كان أراد فيما يسير وينتشر من أموركم ، فهو صواب في اللفظ ، وإن كان أراد به العموم والإحاطة على معنى جميع أموركم ، فهو خطأ من جهة اللفظ والمعنى ، إذ السائر في هذا المعنى تأويله الباقي ، وإنما يقال : فعلت في باب كذا كيت وكيت وفي سائر الأبواب لمعنى الفاضل والبقية ، يقال : أسأرت في الإناء أسأر بالهمز قال الشاعر : 
أعط الملوح سؤر الكلب يشربه إن الملوح شراب على الكدر 
وقال 
الأعشى :  بانت وقد أسأرت في النفس حاجتها     بعد ائتلاف وخير الود ما نفعا 
 [ ص: 359 ] وقال أيضا : 
فبانت وقد أسأرت في الفؤا     د صدعا على نأيها مستطيرا 
وقال 
حميد بن ثور الهلالي :  ألا إن أمي ما يزال مطالها     شديدا وفيها سؤرة وهي قاعد 
يعني بقية من الشباب ، وهي من القواعد ، وقد روي بيت 
الأخطل  على وجهين : 
وشارب مربح بالكأس نادمني     لا بالحصور ولا فيها بسؤار 
بالهمز في 
سؤار  وغيره فمن رواه مهموزا فالمعنى أنه لا يفضل في الكأس شيئا إذ إن هذا عيب عندهم من وجهين ، أحدهما : أنه يدل على عجزه عن الشراب أو كراهية الشراب والندام ، ومن رواه 
بسوار  غير مهموز فمعناه بوثاب من المساورة والمواثبة ، فهذا بيان الخطأ في هذا من جهة اللفظ ، وأما من جهة المعنى فلكثرة كتب 
بني أمية  في عظيم الآثام وجسيم الإحرام ، وذميم الجور والأحكام ، ولكثرة الإطالة في كتبهم ، والعجب من 
يحيى  كيف أمسك عن جواب هذا المتكلم من أن يريه من إطالة كتب 
بني أمية  وخطأ معانيها ، ونقضها أكثر ما أصدرت من أحكامها .