صفحة جزء
الشكوى من تولي الجهال الأمر

وقد حدثنا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي ، حدثنا أحمد بن يحيى ، أخبرني أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي ، قال : كان من كلام علي بن أبي طالب عليه السلام وكثيرا ما يقوله في حروبه : اللهم أنت أرضى للترضي ، وأسخط للسخط ، وأقدر على أن تغير ما كرهت ، وأعلم بما تقدر ، ولا تغلب على باطل ، ولا تعجز عن حق ، وما أنت بغافل عما يعمل الظالمون .

ثم إني أقول : اللهم إني أستعدي على الوسائط الفجار ، والسفراء الأشرار ، وكل ساخط خامل ، وسفيه جاهل ، ممن قدم على نبيه فاضل ، ورضي به بدلا من كل عالم عاقل ، فهو يغر إمامه ، ويفجر أمامه وتأملوا أيها الألباء قضاة الحضرة ، والعراقين الكوفة والبصرة ، بله أطراف البلاد ورسا تيق السواد ، أين هم من العلم بالكتاب والسنة وفقه الشريعة ؟ وأي حظ لهم من العدالة والعفاف والأمانة ؟ وقد كان الأئمة فيما مضى ربما دلس عليهم في أعمالهم من هو على بعض الصفات التي قدمنا ذكرها ، فينتبه الراقد منهم [ ص: 369 ] من غفلته ، ويستيقظ الوسنان من رقدته ، ويقبل على سوام رعيته ، فيبني ما انهدم ، ويسد ما انثلم ، ويستدرك الفاسد بإصلاحه ، ويتلافى التفريط باستصلاحه ، وكانت الرعايا تمتعض من منكر هذا النوع ، وتشمئز منه فلا تقار عليه ، فيؤدي ذلك إلى رفض الأراذل ، واجتباء الأماثل ، وتقديم الأفاضل ، ولم يكن أحد يقلد شيئا من شعب الدين والمملكة ، إلا بعد الابتلاء والخبرة ، والامتحان والتجربة .

التالي السابق


الخدمات العلمية