صفحة جزء
المجلس الثالث والخمسون

من قال لا إله إلا الله . .

حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن داود المنادي ، وأبو الحسين ، قال : حدثنا جدي ، قال : حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد بن قيس السكري الكوفي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأثري ، قال : حدثنا مالك بن قيس ، عمن حدثه ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، وكان على كل رجل منا رعية الإبل يوما ، فكان اليوم الذي أرعى فيه ، فبصرت بالنبي صلى الله عليه وسلم في حلقة يحدثهم ، فسعيت إليه فأدركته وهو يقول : من توضأ فأحسن وضوءه ثم ركع ركعتين لا يريد فيهما إلا وجه الله تعالى غفر الله تعالى ما كان قبلهما من ذنب ، فكبرت فإذا رجل يضرب على كتفي فالتفت فإذا هو أبو بكر الصديق ، فقال أبو بكر : التي قبلها يا ابن عامر أفضل منها ، قلت : وما هي ؟ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال : لا إله إلا الله يصدق لسانه قلبه دخل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء " .

رواية أخرى للحديث

حدثنا ابن المنادي ، قال : حدثنا العباس بن محمد الدوري ، وعلي بن سهل النسائي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى أبو محمد العبسي الكوفي ، قال : أخبرنا إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق السبيعي ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا ونفر من جهينة فكنا نتناوب رعي الإبل على كل رجل منا يوم ، فجاءت نوبتي فرعيتها ثم روحت نفسي فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب ، فجلست إلى جنب عمر بن الخطاب فأدركت من كلامه وهو يقول : ما من رجل مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ، ثم يقوم إلى مصلاه فيعلم ما يقول فيها ، إلا انقل كيوم ولدته أمه من الخطايا " ، قال : فلما سمعتها لم أملك نفسي أن قلت : بخ بخ ، فقال : عمر - وهو إلى جنبي قاعد - قال : أجود منها قبل أن تجيء ، قلت : وما هي : فداك أبي وأمي ؟ فقال : قال : " ما من رجل مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء .

[ ص: 392 ] معنى بخ بخ واللغات فيها

قال القاضي أبو الفرج : قوله بخ بخ ، هذه كلمة تقولها العرب عند الشيء تفضله وتمدحه وتعجب به ، وفيها لغتان : التسكين والكسر والتنوين ، فمن سكن فعلى الأصل فيما يبنى ولا يعرب ، والكسر على الباب في الساكن إذا حرك ، والتنوين في قول محققي نحاة البصريين يؤذن بالتنكير ، وحذفه يدل على التعريف ، وأكثر ما تستعمل هذه الكلمة بالتكرير ولها نظائر فيما وصفنا من حكمها ، قال الشاعر :


بين الأشج وبين قيس باذخ بخ بخ بوالده وبالمولود

ومثل هذا صه صه ومه مه .

وفي القصة التي رويناها بهذين السندين ما يرغب في العمل بما أنبأت بفضله ، ويدل على سعة إحسان الله تعالى وتفضله ، وقد روي لنا هذا الخبر من وجه فيه علل عارضته في سنده ، وأنا ذاكره ليحصل لمن وقف عليه الفائدة منه إن شاء الله .

العلل التي في سند الحديث

حدثنا محمد بن مخلد بن حفص العطار ، قال : حدثنا أبو يحيى محمد بن سعيد بن غالب العطار ، سنة ست وخمسين ومائتين ، قال : سمعت نصر بن حماد ، قال : كنا على باب شعبة نتذاكر ، فقلت : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، قال : كنا نتناوب رعية الإبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجئت وحوله أصحابه ، قال : فسمعته يقول : " من توضأ فأحسن الوضوء وصلى ركعتين ، واستغفر الله تعالى غفر الله تعالى له " ، قلت : بخ بخ ، فحدثني رجل من خلفي فإذا عمر ، فقال : الذي قال قبل أحسن ، قلت : وما قال ؟ قال : " من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قيل له ادخل من أي أبواب الجنة شئت " ، قال : فخرج شعبة فلطمني ثم رجع فدخل من ناحية الباب ثم خرج ، فقال : ما له بعد يبكي ، فقال له عبد الله بن إدريس : إنك أسأت إليه ، قال شعبة : انظر ما يحدث عن إسرائيل ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قلت لأبي إسحاق : من حدثك ؟ قال : حدثني عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت : سمع عبد الله بن عطاء ، عن عقبة ، فغضب ، ومسعر بن كدام حاضر ، فقال مسعر : أغضب الشيخ ؟ قلت : يصححن هذا الحديث أو لأرمين بحديثه ، فقال لي مسعر : عبد الله بن عطاء بمكة . قال شعبة : فرحلت إلى مكة لم أرد الحج أردت الحديث ، فلقيت عبد الله بن عطاء فسألته ، فقال : سعد بن إبراهيم حدثني ، قال شعبة : فلقيت مالكا ، قال : سعد بالمدينة لم يحج العام ، قال شعبة : فرحلت إلى المدينة فلقيت سعد بن إبراهيم ، فقال : الحديث من عندكم زياد بن مخراق ، قلت : إيش هذا الحديث ؟ بينما هو كوفي إذ صار مكيا ، إذ صار مدنيا ، إذ صار بصريا ، قال شعبة : فرحلت [ ص: 393 ] إلى البصرة فلقيت زياد بن مخراق فسألته ، فقال : ليس هذا الحديث مما تبغي ، قلت : حدثني به ، قال : لا ترده ، قلت : حدثني ، فقال : حدثني شهر بن حوشب ، عن أبي ريحانة ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فلما ذكر شهرا ، قلت : دمر علي هذا الحديث ، لو صح لي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أحب إلي من أهلي ومالي والناس أجمعين .

وقد حدثنا أبي رضي الله عنه ، عن العباس بن الفضل البغدادي ، عن محمد بن سعيد ، وساق القصة على اختلاف ألفاظها مع تقارب معانيها وفي آخر الحديث أعني حديث أبي ، عن العباس بن الفضل - قال : محمد بن سعيد : قدم علينا مغني بن معاذ ، فذكرت له هذا الحديث ، فقلت له : عندكم أصل ، قال : نعم ، حدثني بشر بن المفضل ، عن شعبة ، كهذه القصة ، وزاد فيها حرفا هو ، قال محمد بن سعيد : لم أحفظه .

التالي السابق


الخدمات العلمية